قال عبد اللطيف: الحميات ثلاثة أجناس: الجنس الأول: حمى مع ورم بعض الأعضاء الظاهرة أو الباطنة، كذات الجنب، وذات الرئة ، وذات الكبد، وذات الطحال. والجنس الثاني: حمى كائنة عن * عفونة بعض الأخلاط الأربعة، كالدم، والمرتين، والبلغم. والجنس الثالث: حمى كائنة عن (162) بعض الأسباب PageVW1P092A العارضة للبدن يحصل منها سخونة الدم والروح، كالحر المفرط والبرد، المفرط والتعب، واستحصاف مسام البدن بالطبع أو لبعض الأسباب، وينحصر ذلك في شيئين: تحلل مفرط، وجمود مفرط (163)، فيتبعها حرارة في الروح، إما لكثرة الحركة وإما لكثرة السكون. فأما الجنس الأول فإنه لا يسمى حمى بقول مطلق وإنما يقال حمى ذات الرئة، وحمى ذات الجنب، ونحو ذلك؛ لأن الحمى في هذه الأشياء ليست نفس المرض، بل عرض تابع للورم. وأما الجنس الثاني والثالث فيسميان حمى بقول مطلق لأن الحمى فيهما (164) هي نفس المرض، لكن الفرق بينهما أن الحمى العفنية سببها (165) من داخل وهو (166) عفونة الأخلاط والتهابها ،كما تعفن الأشياء الرطبة نحو السرجين وأمثاله إذا انحصر ولم يتنفش (167). وأما الجنس الثالث فسببه باد وليس PageVW3P119B معه عفونة في الأخلاط، فهذا وحده PageVW2P127B هو الذي ينفع فيه صب الماء الحار الكثير على الرأس لأنه يفتح (168) المسام وينفش عن البدن ما انحصر فيه، فيحلل بذلك الحمى وينفش الحرارة. فأما الجنس الأول والثاني وهو الذي معه عفونة أو ورم فلا ينفع فيه (169) صب الماء الحار لأن الورم يحتاج أن ينضج والخلط العفن يحتاج أن يستفرغ. ولما كانت الحمى في الجنس الأول عرضا وجب أن نصرف (170) عناية العلاج إلى المرض وهو الورم. ولما كان سبب الحمى في الجنس الثاني موجودا وهو العفونة، وجب أن نصرف العناية إلى PageVW0P106B إزالته لأنه لا ينبغي أن يتشاغل بمداواة (171) المرض (172) وسببه حاضر إلا بحسب (173) ما ينكف (174) عاديته، لأن علاج هذا بالحقيقة إنما هو إزالة السبب. فأما الجنس الثالث فالحمى هي نفس المرض، وليس سببها موجودا غالبا، فلذلك نصرف (175) التدبير إليها خاصا وخالصا. وينبغي أن نفهم من المرار هنا سائر الأخلاط العفنة كالدم والبلغم أيضا، فإنه إنما يحدث عنهما حمى عند عفنهما واحتدادهما وانتقالهما إلى جنس المرار. وفي بعض النسخ: "فانصب على رأسه عرق حار كثير انقضت بذلك حماه" يريد أن من عرق في الحميات انتفع بذلك جدا وانقضت حماه، كما يجري عليه الحال في البحارين. ولكن يبقى قوله: "ليست من مرار" يفسد المعنى، فإن العرق الكائن في الحمى المرارية أشد نفعا وأولى أن تنقضي به.
[فصل رقم 366]
[aphorism]
قال أبقراط: المرأة (176) لا تكون ذات يمينين.
[commentary]
قال عبد اللطيف: المرأة أضعف من الرجل وأقل بطشا، وإنما قويت اليد اليمنى في الناس لأنه الجانب الأقوى والأشرف والأكثر حرارة لأجل وجود الكبد فيه، وقد يكون من الرجال (177) من يقوى شقاه جميعا لتوفر حرارته وقوة عصبة فيعمل (178) PageVW2P128A بكلتا يديه فيكون كلتا يديه يمنى (179) لأنه يبطش بهما بالسواء، فيقال لهذا الرجل أنه ذو يمينين؛ والعرب تقول لمن كان يعمل بكلتا يديه: أعسر يسر. ولما كانت (180) المرأة ضعيفة بالطبع لم تبلغ من PageVW1P092B قوتها أن تكون ذات يمينين ولا أن تبطش بهما على PageVW3P120A السواء، لأن هذه الحال في الرجال (181) نادرة، فلذلك كانت في النساء معدومة. وقد تكون اليمين نفسها في النساء ضعيفة، ولذلك حكى أبقراط عن نساء الصقالبة أنهن تكوين الثدي الأيمن (182) منهن حتى يأتي غذاء كثير إلى اليد اليمنى فتزيد (183) قوتها لأن تلك اليد منهن في طبعها ضعيفة. وقد فسره قوم غير هذا التفسير، ولكنه بعيد عن الصواب فأضربنا عنه.
[فصل رقم 367]
[aphorism]
قال أبقراط: من كوى من المتقيحين فخرجت منه مدة بيضاء نقية، فإنه يسلم؛ وإن خرجت منه مدة حمئة (184) منتنة (185)، فإنه يهلك.
[commentary]
نامعلوم صفحہ