قلنا ليس فيه تصريح بتنجس الماء بتقدير كون اليد نجسة بل ذلك تعليل منا للنهى المذكور وهو غير لازم أعنى تعليله بتنجس الماء عينا بتقدير نجاستها لجواز كونه الأعم من النجاسة والكراهة فنقول نهى لتنجس الماء بتقدير كونها متنجسة بما يغير أو الكراهة بتقدير كونها بما لا يغير وأين هو من ذلك الصريح الصحيح لكن يمكن إثبات المعارض بقوله صلى الله عليه وسلم طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه الحديث فإنه يقتضى نجاسة الماء ولا تغير بالولوغ فتعين ذلك الحمل والله سبحانه وتعالى أعلم قوله إذا لم ير لها أثر وهو الطعم وأخواه فلو بال إنسان فيه وتوضأ آخر من أسفله جاز ما لم يظهر في الجرية أثره
وعن محمد لو كسرت خابية خمر في الفرات ورجل يتوضأ أسفل منه فما لم يجد في الماء طعم الخمر أو لونه أو ريحه جاز هذا فلو استقرت المرئية فيه بأن كانت جيفة مثلا إن أخذت الجرية أو نصفها لا يجوز من أسفلها وإن لم ير أثر وإن كان أكثر الجرية في مكان طاهر جاز وهذا يحتاج إلى مخصص لحديث الماء طهور بعد حمله على الجارى فمقتضاه أن يجوز التوضى من أسفله وأن أخذت الجيفة أكثر الماء ولم يتغير ويوافقه ما عن أبى يوسف في ساقية صغيرة فيها كلب ميت سد عرضها فيجرى الماء فوقه وتحته أنه لا بأس به نقله في الينابيع عنه
والعذرات في السطح كالميتة في الماء إن كان يجرى عليها نصفه أو كانت على رأس الميزات فهو نجس وإن كانت متفرقة وأكثره يجرى على الطاهر فهو طاهر وكذا ماء المطر إذا جرى على عذرات واستنقع في موضع فالجواب كذلك
وأما المتوضى في عين والماء يخرج منها فإن كان في موضع خروجه جاز وإن كان في غيره فكذلك إن كان قدره أربعا في أربع فأقل فإن كان خمسا في خمس اختلف فيه
واختار السعدى جوازه والخلاف مبنى على أنه هل يخرج المستعمل قبل تكرير الاستعمال إذا كان بهذه المساحة أولا وهذه مبنية على نجاسة المستعمل قوله والجارى الخ وقيل فيه ما يعده الناس جاريا قيل هو الأصح وألحقوا بالجارى حوض الحمام إذا كان الماء ينزل من أعلاه حتى لو أدخلت القصعة النجسة واليد النجسة فيه لا ينجس وهل يشترط مع ذلك تدارك اغتراف الناس منه فيه خلاف ذكره في المنية ثم لا بد من كون جريانه لمدد له كما في العين والنهر وهو المختار ما قيل لو استنجى بقمقمة فلما صب منها لاقى المصبوب البول قبل يده فهو طاهر لأنه ماء جار قال المصنف في التجنيس فيه نظر لأنه يقتضى أنه إذا استنجى لا يصير نجسا وليس بشيء
قال ونظيره ما أورده المشايخ في الكتب أن المسافر إذا كان معه ميزاب واسع وإداوة ماء يحتاج إليه ولا يتيقن وجود الماء لكنه على طعمه قيل ينبغى أن يأمر أحدا من رفقائه حتى يصب الماء في طرف الميزاب وهو يتوضأ وعند الطرف الآخر إناء طاهر يجتمع فيه الماء فإنه يكون الماء طاهرا وطهورا لأنه جار قال بعضهم هذا ليس بشيء لأن الجارى إنما لا يصير مستعملا إذا كان له مدد كالعين والنهر وما أشبه ومما أشبهه حوضان صغيران يخرج الماء من أحدهما ويدخل في الآخر فتوضأ في خلال ذلك جاز لأنه جار وكذا إذا قطع الجارى من فوق وقد بقى جرى الماء كان جائزا أن يتوضأ بما يجرى من النهر
وذكر في فتاوى قاضيخان في المسئلة الأولى وقال الماء الذي اجتمع في الحفيرة الثانية فاسد وهذا مطلقا إنما هو بناء على كون المستعمل نجسا وكذا كثير من أشباه هذا فأما على المختار من رواية أنه طاهر غير طهور فلا فلتحفظ ليفرع عليها ولا يفتى بمثل هذه الفروع
وقولهم في الحفيرة الثانية إن المجتمع فيها نجس بعد إلحاق محل الوضوء الجارى فيه نظر بل الوجه أنه طاهر يتوضأ به كما يتوضأ الأسفل من جرية المتوضى الأعلى ومثله يجب فيما قطع أعلاه وتوضأ إنسان بالجارى في النهر قبل استقراره قوله والغدير العظيم تقدم في الخلافية ما يغنى في الكلام هنا
صفحہ 79