وما نقل عن محمد حين سئل عنه إن كان مثل مسجدى هذا فكثير فقيس حين قام فكان اثنى عشر في مثلها في رواية وثمانيا في ثمان في أخرى لا يستلزم تقديره به إلا في نظره وهو لا يلزم غيره وهذا لأنه لما وجب كونه ما استكثره المبتلى فاستكثار واحد لا يلزم غيره بل يختلف باختلاف ما يقع في قلب كل وليس هذا من قبيل الأمور التي يجب فيها على العامى تقليد المجتهد
ثم رأيت التصريح بأن محمدا رجع عن هذا قال الحاكم قال أبو عصمة كان محمد بن الحسن يوقت في ذلك عشرة في عشرة ثم رجع إلى قول أبى حنيفة وقال لا أوقت فيه شيئا فإذا عرفت هذا فقوله صلى الله عليه وسلم لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه إنما يفيد تنجس الماء في الجملة لا كل ماء فليست اللام فيه للاستغراق للإجماع على أن الكثير لا ينجس إلا بتغيره بالنجاسة فيقول الخصم إذا بموجبه نقول المراد أن بعض الماء ينجس وأنا أقول إنه إذا تغير أو لم يبلغ قلتين ينجس وبذلك تحصل المطابقة لقولنا الماء ينجس في الجملة
فالتحقيق في سوق الخلافية أن يقال يفوض إلى رأى المبتلى غير مقدر بشيء لعدم المدرك الشرعي قول الخصم بل فيه المدرك وهو حديث القلتين قلنا فيه ما تقدم
وقول مالك بل فيه وهو حديث الماء طهور حيث أناط الكثرة بعد التغير
قلنا ورد في بئر بضاعة على ما تقدم وماؤها كان جاريا في البساتين كما رواه الطحاوى عن ابن أبى عمران عن أبى عبد الله محمد بن شجاع الثلجى بالمثلثة عن الواقدى قال كانت بئر بضاعة طريقا للماء إلى البساتين وهذا تقوم به الحجة عندنا إذا وثقنا الواقدى أما عند المخالف فلا لتضعيفه إياه مع أنه أرسل هذا خصوصا مع ادعائهم أن المشهور من حال بئر بضاعة في الحجاز غير هذا ثم لو تنزلوا عن هذه الأمور المختلفة كان العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب
والجواب بأن هذا من باب الحمل لدفع التعارض لا ينتهض إذ لا تعارض لأن حاصل النهى عن البول في الماء الدائم تنجس الماء الدائم في الجملة وحاصل الماء طهور لا ينجسه شيء عدم تنجس الماء إلا بالتغير بحسب ما هو المراد المجمع عليه ولا تعارض بين مفهومى هاتين القضيتين
فإن قيل هنا معارض آخر يوجب الحمل المذكور وهو حديث المستيقظ من منامه وقد خرجناه
صفحہ 78