وبعد الاتفاق على الاكتفاء بغسل واحد نقل الخلاف بين أبى يوسف ومحمد أنه منهما أو أنه يقع من السوابق منهما وجه الأول أن كلا من الجنابة والحيض يوجب الغسل فإذا اجتمعا لم يكن أحدهما بأولى من الآخر فيوجبانه فيكون منهما وجه الثانى أو وجوبه للنجاسة الحكمية الكائنة بالحدث وإذا جاءت بالسبب الأول لا يؤثر السبب الثانى إياها وهذا لأنها واحدة تثبت بأسباب لا متعددة بتعدد الأسباب فإذا ثبتت بأحدهما استحال أن تثبت بالثانى حال قيامها وتظهر ثمرة الخلاف في امرأة حلفت لا تغتسل من زوجها من جنابة فحاضت ثم جامعها ثم اغتسلت تحنث على الأول لا الثانى قوله للصلاة الخ تظهر ثمرته فيمن لا جمعة عليه هل يسن له الغسل أولا وفيمن اغتسل ثم أحدث وتوضأ وصلى به الجمعة لا يكون له فضل غسل الجمعة عند أبى يوسف وفيمن اغتسل قبل الغروب وفى الكافى لو اغتسل قبل الصبح وصلى به الجمعة نال فضل الغسل عند أبى يوسف وعند الحسن لا
واستشكله شارح الكنز لأنه لا يشترط وجود الاغتسال فيما سن الاغتسال لأجله بل أن يكون فيه متطهرا بطهارة الغسل فلا يحسن نفى الحسن قوله وفيهما الوضوء أورد لا يتصور الوضوء من الودى لأنه يتعقب البول فيكون الوضوء من الناقض السابق
أجيب بأن المراد لو فرض خروجه ابتداء كان فيه الوضوء وبأنه يتصور فيما لو توضأ على إثر بوله بلا مهملة ثم مشى فتحلل ودى وخرج حتى لو كان به سلس البول فوجد ذلك منه في الوقت كان عليه الوضوء وبأن وجوب الوضوء بالبول لا ينافى وجوبه بالودى بل يجب بهما حتى لو حلف لا يتوضأ من الرعاف فبال ثم رعف ثم توضأ حنث ذكره محمد
فعلم أن كلا منهما موجب إلا أنه اكتفى بوضوء واحد وأنت إذا حققت أن الناقض يثبت الحدث ثم تجب إزالته عند وجوب المشروط وأن الحدث مانعية اعتبرت قائمة بالأعضاء شرعا إلى غاية استعمال المزيل أو وصف اعتبارى شرعا يمنع إلى الغاية المذكورة وكل منهما أمر واحد لا تعدد إلا في أسبابه
فالثابت بكل سبب هو الثابت بالآخر إذ لا دليل يوجب خلاف ذلك لم يتأخر عن الحكم بكون الوضوء في مثله عن الحدث السابق على السبب الثانى وأنه لم يوجب شيئا لاستحالة تحصيل الحاصل
نعم لو وقعت الأسباب دفعة كأن رعف وبال وفسا معا أضيف ثبوته إلى كلها فلا ينفى ذلك كون كل علة مستقلة لأن معنى الاستقلال كون الوضف بحيث لو أنفرد أثر وهذه الحيثية ثابتة لكل في حال الاجتماع كذا قرر في فصول الآمدى وهو معقول يجب قبوله وهذا قول الجرجانى من مشايخنا وإن كان قول محمد أن الوضوء منهما يقتضى أن الثانى أثر الحدث أيضا كالأول وعن أبى حنيفة نحوه
والحق أن لا تنافى بين كون الحدث بالسبب الأول فقط وبين الحنث لأنه لا يلزم بناؤه على تعدد الحدث بل على العرف والعرف أن يقال لمن توضأ بعد بول ورعاف وتوضأ منهما
صفحہ 67