السالك إلى الحضره الإلهيه ورأى بعين البصيره الحضره الواحديه وتجلى له ربه بالتجليات الأسمائيه والصفاتيه وتوجه إلى محيطية بعض الأسماء والصفات ومحاطية بعضها وفضيلة بعضها وأفضلية الأخرى بعضها وأفضلية الأخرى يسأل ربه باللسان المناسب لنشأته ويدعو بالدعاء اللائق بحضرته بأبهى الصفات وأجملها وأشرف الآيات وأكملها، فيسري من لسان حاله إلى قاله ومن سره إلى مقاله، فيقول:"أسئلك من بهائك بأبهاه" إلى غير ذلك. والسؤال في الحضره الإلهيه بطور يخالف طور السؤال في الحضرة الغيب المقيد، وهو يخالف السؤال في الشهاده، ومسؤلاتها أيضا متفاوته بمناسبة النشئآت، كما سيجئ في قوله عليه السلام: "اللهم إني أسئلك من مسائلك بأحبها إليك" هذا. وإذا تجاوزعن الحضرة الالهية إلى حضرة الأحدية الجمعية المستهلكة فيها الحضرات، الفانية فيها التعينات والتكثرات وتجلى عليه بالمالكية المطلقة. كما قال: {لمن الملك اليوم}(غافر:16) وحيث لم يكن في هذا اليوم خلق وأمر ولا إسم ورسم ورد أن لايجيبه إلا نفسه، فقال: {لله الواحد القهار}(غافر 16). ففي هذا المقام لم يكن سؤال ولا مسؤول ولا سائل. وهو السكر الذي هو هيمان ودهشة واضطراب بمشاهدة جمال المحبوب فجأة. فإذا أفاق بتوفيقات محبوبه عن هذا الهيمان والدهش وصحى عن المحو أمكنه التميز والتفرقة لتمكن الشهود فيه واستقامته واستقراره وحفظه الحضرات الخمس يرى أن الصفات التي يراها في الصحو الأول بعضها أبهى وبعضها بهي وبعضها أكمل وبعضها كامل، كلها من تجليات ذات أحدي محض ولمعات جمال نور حقيقي بحت. فلا يرى في هذا المقام أفضلية وأشرفية، بل يرى كلها شرف وبهاء وجمال وضياء، فيقول: "كل بهائك بهي وكل شرفك شريف" لم يكن أشرفية في البين، وتكون كلها أمواج بحر وجودك ولمعات نور ذاتك وكلها متحدة مع الكل وكلها مع الذات. فإثبات التفضيل في الصحو الأول ونفيها في الصحو بعد المحو مع ارجاع الكثرات إليه. هذا إذا كان النظر إلى التجليات الصفاتية والأسمائية. وأما إذا كان المنظور التجليات الخلقية والمظاهر الحسنى الفعلية فالعروج الى مقام التحقق بالمشية المطلقة المستهلكة فيها التعينات الفعلية لا يمكن الا التدرج في مراتب التعينات، فمن عالم الطبيعة يعرج الى عالم المثال والملكوت متدرجا في مراتبها، ومنهما الى عالم الأرواح المقدسة بمراتبها، ومنه إلى مقام المشية التي استهلك في عينها جميع
الموجودات الخاصة والتعينات الفعلية. وهذا هو مقام التدلي في قوله تعالى {دنى فتدلى}(النجم:8). فالمتدلي بذاته الذي لم ***47]
صفحہ 46