إياك نعبد، إلى آخر السورة المباركة وتمام الدائرة الموجود في الفاتحة بطريق التفصيل موجود في الرحمن الرحيم بطريق الجمع وفي الإسم بطريق جمع الجمع، وفي الباء المختفي فيها ألف الذات بطريق أحدية جمع الجمع، وفي النقطة التي تحت الباء السارية فيها بطريق أحدية سر جمع الجمع، وهذه الإحاطة والإطلاق لم تكن إلا في فاتحة الكتاب الإلهي التي بها فتح الوجود وارتبط العابد بالمعبود، فحقيقة هذه التسمية جمعا وتفصيلا عبارة عن الفيض المقدس الإطلاقي والحق المخلوق به، وهو أعظم الأسماء الإلهيه وأكبرها، والخليفة التي تربي سلسلة الوجود من الغيب والشهود في قوسي النزول والصعود وساير التسميات من تعينات هذا الإسم الشريف ومراتبه، بل كل تسمية ذكرت لفتح فعل من الأفعال كالأكل والشرب والوقاع وغيرها يكون تعينا من تعينات هذا الإسم المطلق، كل بحسب حده ومقامه، ولا يكون الإسم المذكور فيها هذا الإسم الأعظم. وهو أجل أن يتعلق بهذه الأفعال الخسيسة بمقام إطلاقه وسريانه، فالإسم في مقام الأكل والشرب مثلا عبارة عن تعين الإسم الأعظم بتعين الآكل والشارب أو إرادتهما أو ميلهما فإن جميعها من تعيناته، والمتعينات وإن كانت متحدة مع المطلق لكن المطلق لم يكن مع المقيد باطلاقه وسريانه.
نقل وتتميم
قال بعض المشايخ من أرباب السير والسلوك رضوان الله عليه في كناب أسرار الصلاة بهذه العبارة: "ولا بأس للإشارة برد بعض ما حدث بين أهل العلم من الإشكال في قراءة بسملة السور من دون تعيين السورة وقرائتها بقصد سورة أخرى غير السورة المقروة بلحاظ أن البسملة في كل سورة آية منها غير البسملة في السورة الأخرى، لما ثبت أنها نزلت في أول كل سورة إلا سورة براءة. فتعيين قراءة هذه الألفاظ إنما هو بقصد حكاية ما قرأه جبرائيل على رسول الله عليه وآله. وإلا فلا حقيقة لها غير ذلك، وعلى ذلك يلزم في قرآنية الآيات أن يقصد منها ما قرأه جبرائيل، وما قرأه جبرائيل في الفاتحة حقيقة تسمية الفاتحة، وهكذا بسملة كل سورة لا يكون آية منها إلا بقصد بسملة هذه السورة فإذا لم يقصد التعيين، فلا يكون آية من هذه السورة بل ولا يكون قرآنا.
صفحہ 123