***109]
اللهم إني أسئلك من كمالك بأكمله، وكل كمالك كامل، اللهم إني أسئلك بكمالك كله.
كمال الشيء ما به تمامه وانجبر به نقصانه، فالصورة كمال الهيولى، والفصل كمال الجنس، ولهذا عرفت النفس بأنها كمال أول لجسم طبيعي آلى، إذ بها كمال الهيولى باعتبار وكمال الجنس باعتبار.
ولهذا كانت الولاية العلوية أدامنا الله عليها كمال الدين وتمام النعمه، لقوله:{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي }(المائدة:3). وقال أبوجعفر عليه السلام في ضمن الرواية المفصلة في الكافي: ثم نزلت الولاية. وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة أنزل الله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}(المائدة:3) وكان كمال الدين بولاية علي بن أبي طالب، انتهى.
فسائر العبادات بل العقايد والملكات بمنزلة الهيولى والولاية صورتها وبمنزلة الظاهر وهي باطنها، ولهذا من مات ولم يكن له إمام فميتته ميتة الجاهلية وميتة كفر ونفاق وضلال، كما في رواية الكافي، فإن المادة والهيولى لا وجود لهما إلا بالصورة والفعلية، بل لا وجود لهما في النشأة الآخرة أصلا، فإن الدار الآخرة لهي الحيوان، وهي دار الحصاد، والدنيا مزرعة الآخرة.
واعلم أن الأسماء والصفات الإلهية كلها كامل بل نفس الكمال، لعدم النقص هناك حتى يجبر، وكل كمال ظهور كمال الأسماء الإلهية وتجلياتها وأكمل الأسماء هو الإسم الجامع لكل الكمالات ومظهره الإنسان الكامل المستجمع لجميع الصفات والأسماء الإلهية ومظهر جميع تجلياته. ففي الأسماء الإلهية اسم " الله " أكمل وفي المظاهر الإنسان الكامل أكمل، وكمال شريعته بالولاية، ونسبة شريعته إلى ساير الشرايع كنسبته إلى صاحب الشرايع وكنسبة الإسم الجامع إلى ساير الأسماء، فشريعته واقعة تحت دولة اسم "الله" الذي كان حكمه أبديا وأزليا، فإن ساير الشرايع أيضا مظاهر شريعته، وشريعته كمال ساير الشرايع، ولهذا كان نبيا وآدم بين الماء والطين، بل لا ماء ولا طين، وكان عليه السلام مع آدم ونوح وغيرهما من الأنبياء. ويظهر من المحقق السبزواري في شرح الأسماء: أن الكمال قدر الجامع بين الجلال والجمال. وهذا وإن كان صحيحا بناء على ما عرفت من أن كل صفة جمال مختف فيها الجلال وكل جلال مختف فيه الجمال، إلا أن الإسم تابع للظاهر منهما والكمال ***110]
صفحہ 101