***68]
اللهم إني أسئلك من عظمتك بأعظمها، وكل عظمتك عظيمة، اللهم إني أسئلك بعظمتك كلها.
ألم ينكشف على سر قلبك وبصيرة عقلك أن الموجودات بجملتها من سموات عوالم العقول والأرواح وأراضي سكنة الأجساد والأشباح من حضرة الرحموت التي وسعت كل شيء وأضائت بظلها ظلمات عالم المهيات وأنارت ببسط نورها غواسق هياكل القابلات. ولا طاقة لواحد من عوالم العقول المجردة والأنوار الأسفهبدية والمثل النورية والطبيعة السافلة أن يشاهد نور العظمة والجلال وأن ينظر إلى حضرة الكبرياء المتعال، فإن تجلى الغفار عليها بنور العظمة والهيبة لاندكت إنيات الكل في نور عظمته وقهره جل وعلا وتزلزلت أركان السموات العلى وخرت الموجودات لعظمته صعقا ويوم تجلي نور العظمة يهلك الكل في سطوع نور عظمته. وذلك يوم الرجوع التام وبروز الأحدية والمالكية المطلقة، فيقول: {لمن الملك اليوم}(غافر:16) فلم يكن من مجيب يجيبه لسطوع نور الجلال وظهور السلطنة المطلقة، فأجاب نفسه بقوله: {لله الواحد القهار}(غافر:16). والتوصيف بالوحدانية والقهارية دون التوصيف بالرحمانية والرحيمية، وذلك اليوم يوم حكومتهما وسلطنتهما، فيوم الرحمة يوم بسط الوجود وإفاضته. ولهذا وصف الله نفسه عند انفتاع الباب وفاتحة الكتاب بالرحمن الرحيم. ويوم العظمة والقهارية يوم قبضه ونزعه يصفها بالوحدانية والقهارية، وبالمالكية في خاتمة الدفتر فقال: {مالك يوم الدين}(الفاتحة:3). ولا بد من يوم تجلي الرب بالعظمة والمالكية وبلغت دولتها، فإن لكل اسم دولة لا بد من ظهورها وظهور دولة المعيد والمالك وأمثالها من الأسماء يوم الرجوع التام والنزع المطلق. ولا يختص هذا بالعوالم النازلة، بل جار في عالم المجردات من العقول المقدسة والملائكة المقربين. ولهذا ورد أن عزرائيل يصير بعد قبض أرواح جميع الموجودات مقبوضا بيده تعالى وقال تعالى: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب}(الأنبياء:21)، وقال تعالى: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية}(فجر:89)، وقال تعالى: {كما بدئكم تعودون}(الأعراف:7). إلى غير ذلك. والعظمة من صفات الجلال. وقد ذكرنا أن لكل صفة جلال جمالا. ولولا أن العظمة والقهر مختف فيهما اللطف والرحمة لما أفاق موسى عليه السلام ***69]
صفحہ 68