شرح دیوان حماسہ
شرح ديوان الحماسة
ایڈیٹر
غريد الشيخ
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
پبلشر کا مقام
بيروت - لبنان
جديرٌ بهم من كل حيٍ صحبتهم ... إذا أنسٌ عزوا علي تصدعوا
يقول: أنا خليقٌ بالبين من كل حيٍ أجاورهم إذا استوقفت قربهم، واستحليت الكون معهم، حتى لا يعز علي أناسٌ إلا تفرقوا عن كثبٍ. والأنس: الطائفة من الناس. يقال: رأيت معه أنسًا كثيرًا، أي ناسًا. تصدعوا: تفرقوا. ومنه يقال تصدعت الأرض بفلانٍ، إذا تغيب هاربًا.
وقال الراعي
وقد قادني الجيران حينًا وقدتهم ... وفارقت حتى ما تحن جماليا
يقول: جذبني الخلطاء زمانًا وجذبتهم، حتى كنت في حكم من لا يصبر عنهم، ولا ينفك منهم، كالقائد للشيء وهو مقودٌ له، لن من كان هذه صفته مع شيءٍ فهو يلزمه ولا يفارقه. والآن فارقتهم فلا أحن إليهم، ولا أنزع نحوهم. ونسب الحنين إلى جماله وإن كان المراد النفس، لأنها في الحنين أقل صبرًا حتى ربما تهيم على وجوهها، وتند عن صواحبها، طلبًا للإلف، وجريًا مع الهوى. وعلى هذا قال من قال في مخاطبة راحلته وقد رآها:
فإني مثل ما تجدين وجدي ... ولكن أصحبت عنهم قروني
رجاؤك أنساني تذكر إخوتي ... ومالك أنساني بوهبين ماليا
يقول: أملي فيك أنساني الفكر في إخوتي وأهل بيتي، وطمعي في مالك أنساني مالي بوهبين. وهذا قاله لأنه يرى أن رجاءه فيه لتحققه صار مؤثرًا على ذكر وطنه وعشيرته، وأن ما طمع فيه من ماله لما كان أكثر مما ملكه بوهبين صار منسيًا له.
وهذه القطوعات بما اشتملت عليه من الفظاظة والقسوة، وذكر قلة الفكر في الأوطان والأحبة، وتناسي العهود والأذمة، ومفارقة الأماكن المألوفة. والحلل المورودة، وشكوى النفس إلى التنائي والغربة، دخلت في باب الحماسة. وبمثل هذه المناسبة دخل فيه كثير من نظائرها. وستدل عليها إذا انتهينا إليها.
1 / 200