وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رَوَى بَعْضَ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ لَمَّا قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: («إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا الظَّعْنَ، فَقَالَ: حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ»). رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ﵄ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: (إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَسْتَطِيعُ رُكُوبَ الرَّحْلِ، وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: أَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ، أَكَانَ ذَلِكَ يُجْزِي عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَحُجَّ عَنْهُ»). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ.
فَقَدْ أَقَرَّ النَّبِيُّ ﷺ هَؤُلَاءِ السُّؤَّالَ عَلَى أَنَّ الْمَعْضُوبَ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ، وَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ بِفِعْلِهَا عَنْهُ، وَشَبَّهَهَا بِالدَّيْنِ، وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ هَلْ لَهُ مَالٌ يَحُجُّ بِهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ، وَتَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ دَلِيلٌ عَلَى عُمُومِ الْجَوَابِ لَا سِيَّمَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَالِ، بَلْ أَوْجَبَ الْحَجَّ بِمُجَرَّدِ بَذْلِ الْوَلَدِ أَنْ يَحُجَّ، فَدَلَّ