شرح عمدة الفقه

ابن تيمية d. 728 AH
23

شرح عمدة الفقه

شرح عمدة الفقه (من أول كتاب الصلاة إلى آخر باب آداب المشي إلى الصلاة)

تحقیق کنندہ

د. صالح بن محمد الحسن

ناشر

مكتبة الحرمين

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٠٩ هـ - ١٩٨٨ م

پبلشر کا مقام

الرياض

وَلِأَنَّ الْعُمْرَةَ بَعْضُ الْحَجِّ فَلَمْ تَجِبْ عَلَى الِانْفِرَادِ كَالطَّوَافِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْحَجَّ لَمْ يَجِبْ عَلَى وَجْهِ التَّكْرَارِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَلَوْ وَجَبَتِ الْعُمْرَةُ لَكَانَ قَدْ وَجَبَ عَلَى الْإِنْسَانِ حَجَّتَانِ صُغْرَى، وَكُبْرَى، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَجٌّ وَطَوَافٌ، وَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ الْمُعْتَمِرُ فَقَدْ دَخَلَ فِي الْحَجِّ فَلَيْسَ فِي الْعُمْرَةِ شَيْءٌ يَقْتَضِي إِفْرَادَهُ بِالْإِيجَابِ لَكِنْ جَعَلَ اللَّهُ الْمَنَاسِكَ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ أَتَمُّهَا هُوَ الْحَجُّ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْإِحْرَامِ وَالْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالرَّمْيِ وَالْإِحْلَالِ. وَبَعْدَهُ الْعُمْرَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْإِحْرَامِ، وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْإِحْلَالِ. وَبَعْدَهُ الطَّوَافُ الْمُجَرَّدُ. . . وَلِأَنَّهَا نُسُكٌ غَيْرُ مُؤَقَّتِ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، فَلَمْ تَجِبْ كَالطَّوَافِ. وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ مِنْ جِنْسِهَا فَرْضٌ مُؤَقَّتٌ، فَلَمْ تَجِبْ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَهَذَا لِأَنَّ الْعِبَادَاتِ الْمَحْضَةَ إِذَا وَجَبَتْ وُقِّتَتْ كَمَا وُقِّتَتِ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْحَجُّ. فَإِذَا شُرِعَتْ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ عُلِمَ أَنَّهَا شُرِعَتْ رَحْمَةً وَتَوْسِعَةً لِلتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - بِأَنْوَاعٍ شَتَّى مِنَ الْعِبَادَةِ، وَسُبُلٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ النَّاسُ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: مَا احْتَجَّ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦].

1 / 95