============================================================
وأما قولهم: (باعث بلا مشقة)، فإنما قالوا ذلك لأن الله تعالى خلق العالر بلا مشقة بالتكوين القائم بذاته (1)، فيتعالى في بعثهم وإعادتهم بعد موتهم وتلاشيهم عن لحوق المشقة، بل الإعادة في عقول الخلق أهون من الإنشاء، وقال تعالى: ( أفعيينا بالخلق الأول بل هرفى لبس من حخلق جديد} (ق: 15]، أي: ما عيينا بالخلق الأول، فكيف نعيى بالخلق الثاني؟
قال إمام الهدى في تأويل قوله تعالى: ( فإنا خلقتكر من ثراب ثم ين نطفة ثترين عطقورثر من مضعو خلقة وفير مخلقة لنبين لكم} (الحج: 5]، فلو اجتمع حكماء البشر ليعرفوا المعنى الذي به خلق البشر من ذلك التراب أو من النطفة ما قدروا عليه، إذ ما وجدوا في التراب والماء أثر البشر، ولا وجدوا فيه معنى البشرئة، فمن قدر على ابتداء إنشاء هذا العالمر من التراب أو من النطفة من غير أن يكون(2) في الأصل أثر ما خلق فيه (1) تفهيم المقام بهذه العبارة إنما هو على سبيل المسامحة، كما ذكر العلماء، والسبب في ذلك ما يسمونه ضيق المقام، وهو أن لا يمكن التعبير اللفظي عن المعنن إلا بالمشقة البالغة التي يوجبها الاحتراز عن ما لا يراد من المعاني مما يدل عليه اللفظ وضعا.
وعلى هذا؛ فليس التكوين في عبارة الشارح آلة يستعين بها الله تعاى على خلق العالر، بل المراد أن ما من شأنه أن يخلق هو الذات الموصوف بالتكوين، وهو الله تعالى الخالق، ولما كان الله تعالى هو الذات الموصوف بكل صفات الكمال المنوره عن كل صفات النقص، وهو واحد لا يتكثر من أي وجه، استحال أن يكون وجود صفة التكوين غير وجوده سبحانه.
(2) في الأصل: تكون.
صفحہ 67