شرح العقیدة الطحاویة
شرح العقيدة الطحاوية
تحقیق کنندہ
أحمد شاكر
ناشر
وزارة الشؤون الإسلامية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٨ هـ
پبلشر کا مقام
والأوقاف والدعوة والإرشاد
اصناف
عقائد و مذاہب
﴿أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ ﴿بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾ (١)، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ﴾ (٢)، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ (٣)، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ﴾ (٤)، حَتَّى إِنَّ مِنْ أَخْفَى آيَاتِ الرُّسُلِ آيَاتُ هُودٍ، حَتَّى قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: (يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا
بِبَيِّنَةٍ)، وَمَعَ هَذَا فَبَيِّنَتُهُ مِنْ أَوْضَحِ الْبَيِّنَاتِ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِتَدَبُّرِهَا، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ ﴿مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِي﴾ ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (٥).
فَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْآيَاتِ: أَنَّ رَجْلًا وَاحِدًا يُخَاطِبُ أُمَّةً عَظِيمَةً بِهَذَا الْخِطَابِ، غَيْرَ جَزِعٍ وَلَا فَزِعٍ وَلَا خَوَّارٍ، بَلْ هُوَ وَاثِقٌ بِمَا قَالَهُ، جَازِمٌ بِهِ، فَأَشْهَدَ اللَّهَ أَوَّلًا عَلَى بَرَاءَتِهِ مِنْ دِينِهِمْ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ، إِشْهَادَ وَاثِقٍ بِهِ مُعْتَمِدٍ عَلَيْهِ، مُعْلِمٍ لِقَوْمِهِ أَنَّهُ وَلِيُّهُ وَنَاصِرُهُ وَغَيْرُ مُسَلِّطٍ لَهُمْ عَلَيْهِ. ثُمَّ أَشْهَدَهُمْ إِشْهَادَ مُجَاهِرٍ لَهُمْ بِالْمُخَالَفَةِ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ دِينِهِمْ وَآلِهَتِهِمُ الَّتِي يُوَالُونَ عَلَيْهَا وَيَبْذُلُونَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فِي نُصْرَتِهِمْ لَهَا، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِالِاسْتِهَانَةِ لهمْ وَاحْتِقَارِهِمْ وَازْدِرَائِهِمْ وَلَوْ (٦) يَجْتَمِعُونَ كُلُّهُمْ عَلَى كَيْدِهِ وَشِفَاءِ غَيْظِهِمْ مِنْهُ، ثُمَّ يُعَاجِلُونَهُ وَلَا يُمْهِلُونَهُ، لم يقدروا على ذلك إلا ما كتبه الله عليه. ثُمَّ قَرَّرَ دَعْوَتَهُمْ أَحْسَنَ تَقْرِيرٍ، وَبَيَّنَ أَنَّ رَبَّهُ تَعَالَى وَرَبَّهُمُ الَّذِي نَوَاصِيهِمْ بِيَدِهِ هُوَ وَلِيُّهُ وَوَكِيلُهُ الْقَائِمُ بِنَصْرِهِ وَتَأْيِيدِهِ، وَأَنَّهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، فَلَا يَخْذُلُ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَأَقَرَّ بِهِ، وَلَا يُشْمِتُ بِهِ أَعْدَاءَهُ.
_________
(١) سورة النَّحْلِ الآيتان: ٤٣ - ٤٤.
(٢) سورة آلِ عِمْرَانَ آية: ١٨٣.
(٣) سورة آلِ عِمْرَانَ آية: ١٨٤.
(٤) سورة الشُّورَى آية: ١٧.
(٥) سورة هُودٍ الآيات: ٥٤ - ٥٦.
(٦) لعله: وأنهم لو.
1 / 47