226

شرح العقیدة الطحاویة

شرح العقيدة الطحاوية

ایڈیٹر

أحمد شاكر

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٨ هـ

پبلشر کا مقام

والأوقاف والدعوة والإرشاد

رِضَاكَ وَمُعَافَاتِكَ هُوَ بِمَشِيئَتِكَ وَإِرَادَتِكَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تَرْضَى عَنْ عَبْدِكَ وَتُعَافِيَهُ، وَإِنْ شِئْتَ أن تغضب عليه وتعاقبه، فإعاذني مِمَّا أَكْرَهُ وَمَنْعُهُ أَنْ يَحِلَّ بِي، هِيَ بِمَشِيئَتِكَ أَيْضًا، فَالْمَحْبُوبُ وَالْمَكْرُوهُ كُلُّهُ بِقَضَائِكَ وَمَشِيئَتِكَ، فَعِيَاذِي بِكَ مِنْكَ، وَعِيَاذِي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ وَرَحْمَتِكَ مِمَّا يَكُونُ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ وَعَدْلِكَ وَحِكْمَتِكَ، فَلَا [أَسْتَعِيذُ] بِغَيْرِكَ مِنْ غَيْرِكَ (١). وَلَا أَسْتَعِيذُ بِكَ مِنْ شَيْءٍ صَادِرٍ عَنْ غَيْرِ مَشِيئَتِكَ، بَلْ هُوَ مِنْكَ. فَلَا يَعْلَمُ مَا فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْمَعَارِفِ وَالْعُبُودِيَّةِ، إِلَّا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَمَعْرِفَةِ عُبُودِيَّتِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُرِيدُ اللَّهُ أَمْرًا وَلَا يَرْضَاهُ ولا يحبه؟ وكيف يشاؤه ويكونه؟ وكيف تجتمع إِرَادَتُهُ لَهُ وَبُغْضُهُ وَكَرَاهَتُهُ؟
قِيلَ: هَذَا السُّؤَالُ هُوَ الَّذِي افْتَرَقَ النَّاسُ لِأَجْلِهِ فِرَقًا، وَتَبَايَنَتْ طُرُقُهُمْ وَأَقْوَالُهُمْ. فَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ نَوْعَانِ: مُرَادٌ لِنَفْسِهِ، وَمُرَادٌ لِغَيْرِهِ. فَالْمُرَادُ لِنَفْسِهِ، مَطْلُوبٌ مَحْبُوبٌ لِذَاتِهِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ، فَهُوَ مُرَادُ إِرَادَةِ الْغَايَاتِ وَالْمَقَاصِدِ. وَالْمُرَادُ لِغَيْرِهِ، قَدْ لَا يَكُونُ مَقْصُودًا لِمَا يُرِيدُ (٢)، وَلَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ بِالنَّظَرِ إِلَى ذَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ وَسِيلَةً إِلَى مَقْصُودِهِ وَمُرَادِهِ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ لَهُ مِنْ حَيْثُ نَفْسُهُ وَذَاتُهُ، مُرَادٌ لَهُ مِنْ حَيْثُ قَضَاؤُهُ وَإِيصَالُهُ إِلَى مُرَادِهِ، فَيَجْتَمِعُ فِيهِ الْأَمْرَانِ: بُغْضُهُ وَإِرَادَتُهُ، وَلَا يَتَنَافَيَانِ، لِاخْتِلَافِ مُتَعَلَّقِهِمَا. وَهَذَا كَالدَّوَاءِ الْكَرِيهِ، إِذَا عَلِمَ الْمُتَنَاوِلُ لَهُ أَنَّ فِيهِ شِفَاءَهُ، وَقَطْعِ الْعُضْوِ الْمُتَآكِلِ، إِذَا عَلِمَ أَنَّ فِي قَطْعِهِ بَقَاءَ جَسَدِهِ، وَكَقَطْعِ الْمَسَافَةِ الشَّاقَّةِ، إِذَا عَلِمَ أَنَّهَا تُوصِلُ إِلَى مُرَادِهِ وَمَحْبُوبِهِ. بَلِ الْعَاقِلُ يَكْتَفِي فِي إِيثَارِ هَذَا الْمَكْرُوهِ وَإِرَادَتِهِ بِالظَّنِّ الْغَالِبِ، وَإِنْ خَفِيَتْ عَنْهُ عاقبته، فكيف [بمن] (٣) لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَكْرَهُ الشَّيْءَ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ إِرَادَتَهُ لِأَجْلِ غَيْرِهِ، وكونه سببا

(١) الزيادة ليست في المطبوعة. وهي ضرورية لصحة الكلام.
(٢) في المطبوعة «مقصودا لما لا يريد»، وزيادة «لا» خطأ، تبطل المعنى وتفسده.
(٣) في الأصل: (ممن) والصواب ما أثبتناه، كما في «مدارج السالكين» ٢/ ١٩٤. ن.

1 / 229