209

شرح العقیدة الطحاویة

شرح العقيدة الطحاوية

ایڈیٹر

أحمد شاكر

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٨ هـ

پبلشر کا مقام

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَشَفَاعَتِهِ وَسُؤَالِهِ، لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّا نُقْسِمُ عَلَيْكَ بِهِ، أَوْ نَسْأَلُكَ بِجَاهِهِ عِنْدَكَ، إِذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُرَادًا لَكَانَ جَاهُ النَّبِيِّ ﷺ أَعْظَمَ وَأَعْظَمَ مِنْ جَاهِ الْعَبَّاسِ.
وَتَارَةً يَقُولُ: بِاتِّبَاعِي لِرَسُولِكَ وَمَحَبَّتِي لَهُ وَإِيمَانِي بِهِ وَسَائِرِ أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ وَتَصْدِيقِي لَهُمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا يَكُونُ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّوَسُّلِ وَالِاسْتِشْفَاعِ.
فَلَفْظُ التَّوَسُّلِ بِالشَّخْصِ وَالتَّوَجُّهِ بِهِ فِيهِ إِجْمَالٌ، غَلِطَ بِسَبَبِهِ مَنْ لَمْ يَفْهَمْ مَعْنَاهُ: فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ التَّسَبُّبُ بِهِ لِكَوْنِهِ دَاعِيًا وَشَافِعًا، وَهَذَا فِي حَيَاتِهِ يَكُونُ، أَوْ لِكَوْنِ الدَّاعِي مُحِبًّا لَهُ، مُطِيعًا لِأَمْرِهِ، مُقْتَدِيًا بِهِ، وَذَلِكَ أَهْلٌ لِلْمَحَبَّةِ وَالطَّاعَةِ وَالِاقْتِدَاءِ، فَيَكُونُ التَّوَسُّلُ إِمَّا بِدُعَاءِ الْوَسِيلَةِ وَشَفَاعَتِهِ، وَإِمَّا بِمَحَبَّةِ السَّائِلِ وَاتِّبَاعِهِ، أَوْ يُرَادُ بِهِ الْإِقْسَامُ بِهِ وَالتَّوَسُّلُ بِذَاتِهِ، فَهَذَا الثَّانِي هُوَ الَّذِي كَرِهُوهُ وَنَهَوْا عَنْهُ.
وَكَذَلِكَ السُّؤَالُ بِالشَّيْءِ، قَدْ يُرَادُ بِهِ التَّسَبُّبُ بِهِ، لِكَوْنِهِ سَبَبًا فِي حُصُولِ الْمَطْلُوبِ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْإِقْسَامُ بِهِ.
وَمِنَ الْأَوَّلِ: حَدِيثُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ أَوَوْا إِلَى الْغَارِ، وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، فَإِنَّ الصَّخْرَةَ انْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَتَوَسَّلُوا إِلَى اللَّهِ بِذِكْرِ أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ الْخَالِصَةِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقُولُ: فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ. فَهَؤُلَاءِ: دَعَوُا اللَّهَ بِصَالِحِ الْأَعْمَالِ، لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ هِيَ أَعْظَمُ مَا يَتَوَسَّلُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ، وَيَتَوَجَّهُ بِهِ إِلَيْهِ، وَيَسْأَلُهُ بِهِ، لِأَنَّهُ وَعَدَ أَنْ يَسْتَجِيبَ لِلَّذِينِ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّفَاعَةَ عِنْدَ اللَّهِ لَيْسَتْ كَالشَّفَاعَةِ عِنْدَ الْبَشَرِ، فَإِنَّ الشَّفِيعَ

1 / 212