شرح العقیدة الطحاویة
شرح العقيدة الطحاوية
تحقیق کنندہ
أحمد شاكر
ناشر
وزارة الشؤون الإسلامية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٨ هـ
پبلشر کا مقام
والأوقاف والدعوة والإرشاد
اصناف
عقائد و مذاہب
فَكَمْ قَدْ رَأَيْنَا مِنْ رِجَالٍ وَدَوْلَةٍ ... فَبَادُوا جَمِيعًا مُسْرِعِينَ وَزَالُوا
وَكَمْ مِنْ جِبَالٍ قَدْ عَلَتْ شُرُفَاتِهَا ... رِجَالٌ، فَزَالُوا وَالْجِبَالُ جِبَالُ
لَقَدْ تَأَمَّلْتُ الطُّرُقَ الْكَلَامِيَّةَ، وَالْمَنَاهِجَ الْفَلْسَفِيَّةَ، فَمَا رَأَيْتُهَا تَشْفِي عَلِيلًا، وَلَا تُرْوِي غَلِيلًا، وَرَأَيْتُ أَقْرَبَ الطُّرُقِ طَرِيقَةَ الْقُرْآنِ، اقْرَأْ فِي الْإِثْبَاتِ: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ (١) ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ (٢) وَاقْرَأْ فِي النَّفْيِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ (٣) ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ (٤) ثُمَّ قَالَ: "وَمَنْ جَرَّبَ مِثْلَ تَجْرِبَتِي عَرَفَ مِثْلَ مَعْرِفَتِي".
وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الشَّهْرَسْتَانِيُّ، إِنَّهُ لَمْ يَجِدْ عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ إِلَّا الْحَيْرَةَ وَالنَّدَمَ، حَيْثُ قَالَ:
لَعَمْرِي لَقَدْ طُفْتُ الْمَعَاهِدَ كُلَّهَا ... وَسَيَّرْتُ طَرْفِي بَيْنَ تِلْكَ الْمَعَالِمِ
فَلَمْ أَرَ إِلَّا وَاضِعًا كَفَّ حَائِرٍ ... عَلَى ذَقَنٍ أَوْ قَارِعًا سِنَّ نَادِمِ
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ: يَا أَصْحَابَنَا لَا تَشْتَغِلُوا بِالْكَلَامِ، فَلَوْ عَرَفْتُ أَنَّ الْكَلَامَ يَبْلُغُ بِي إِلَى مَا بَلَغَ مَا اشْتَغَلْتُ بِهِ. وَقَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ: لَقَدْ خُضْتُ الْبَحْرَ الْخِضَمَّ، وَخَلَّيْتُ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَعُلُومَهُمْ، وَدَخَلْتُ فِي الَّذِي نَهَوْنِي عَنْهُ، وَالْآنَ فَإِنْ لَمْ يَتَدَارَكْنِي رَبِّي بِرَحْمَتِهِ فَالْوَيْلُ لِابْنِ الْجُوَيْنِيِّ، وَهَا أَنَا ذَا أَمُوتُ عَلَى عَقِيدَةِ أُمِّي، أَوْ قَالَ: عَلَى عَقِيدَةِ عَجَائِزِ نَيْسَابُورَ. وَكَذَلِكَ قَالَ شَمْسُ الدِّينِ الْخُسْرَوْشَاهِيُّ، وَكَانَ مِنْ أَجَلِّ تَلَامِذَةِ فَخْرِ الدِّينِ الرَّازِيِّ، لِبَعْضِ الْفُضَلَاءِ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا، فَقَالَ: مَا تَعْتَقِدُ؟ قَالَ: مَا يَعْتَقِدُهُ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالَ: وَأَنْتَ مُنْشَرِحُ الصَّدْرِ لِذَلِكَ مُسْتَيْقِنٌ بِهِ؟ أَوْ كَمَا قَالَ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَشْكُرُ اللَّهَ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ، لَكِنِّي وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَعْتَقِدُ، وَاللَّهِ مَا
(١) سورة طَهَ آية ٥. (٢) سورة فَاطِرٍ آية ١٠. (٣) سورة الشُّورَى آية ١١. (٤) سورة طَهَ آية ١١٠.
1 / 178