شرح العقیدة الطحاویة

Ibn Abi al-'Izz d. 792 AH
17

شرح العقیدة الطحاویة

شرح العقيدة الطحاوية

تحقیق کنندہ

أحمد شاكر

ناشر

وزارة الشؤون الإسلامية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٨ هـ

پبلشر کا مقام

والأوقاف والدعوة والإرشاد

حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى. وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ دِينًا يَدِينُونَ به، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِدِينِهِ الَّذِي شَرَعَهُ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ. وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ - تَعَالَى - نَفْسَهُ عَمَّا يَصِفُهُ بِهِ الْعِبَادُ، إِلَّا مَا وَصَفَهُ بِهِ الْمُرْسَلُونَ، بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ ﴿وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ ﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (١)، فَنَزَّهَ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ عَمَّا يَصِفُهُ بِهِ الْكَافِرُونَ، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، لِسَلَامَةِ مَا وَصَفُوهُ بِهِ مِنَ النَّقَائِصِ وَالْعُيُوبِ، ثُمَّ حَمِدَ نَفْسَهُ عَلَى تَفَرُّدِهِ بِالْأَوْصَافِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا كَمَالَ الْحَمْدِ. وَمَضَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ ﷺ خَيْرُ الْقُرُونِ، وَهُمُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، يُوصِي بِهِ الْأَوَّلُ الْآخِرَ (٢) وَيَقْتَدِي فِيهِ اللَّاحِقُ بِالسَّابِقِ. وَهُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِنَبِيِّهِمْ مُحَمَّدٍ ﷺ مُقْتَدُونَ، وَعَلَى مِنْهَاجِهِ سَالِكُونَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ (٣). فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: ﴿وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ مَعْطُوفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي ﴿أَدْعُو﴾، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَتْبَاعَهُ هُمُ الدُّعَاةُ إِلَى اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلِ، فَهُوَ صَرِيحٌ أَنَّ أَتْبَاعَهُ هُمْ أَهْلُ الْبَصِيرَةِ فِيمَا جَاءَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ حَقٌّ. وَقَدْ بَلَّغَ الرَّسُولُ ﷺ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ، وَأَوْضَحَ الْحُجَّةَ لِلْمُسْتَبْصِرِينَ، وَسَلَكَ سَبِيلَهُ خَيْرُ الْقُرُونِ. ثُمَّ خَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ، وَافْتَرَقُوا، فَأَقَامَ اللَّهُ لِهَذِهِ

(١) سورة الصَّافَّاتِ، الآيات: ١٨٠ - ١٨٢. (٢) في المطبوعة «للآخر». (٣) سورة يُوسُفَ آية: ١٠٨.

1 / 20