شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
تحقیق کنندہ
طه عبد الرءوف سعد
ناشر
مكتبة الثقافة الدينية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م
پبلشر کا مقام
القاهرة
قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ، قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا يُقَالُ الْقَلْبُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ مِنْ رُؤْيَةِ الْفَجْرِ مَثَلًا لَكِنَّهُ يُدْرِكُ إِذَا كَانَ يَقْظَانًا مُرُورَ الْوَقْتِ الطَّوِيلِ، فَإِنَّ مِنِ ابْتِدَاءِ الْفَجْرِ إِلَى أَنْ حَمِيَتِ الشَّمْسُ مُدَّةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ لِأَنَّا نَقُولُ: يُحْتَمَلُ أَنَّ قَلْبَهُ كَانَ مُسْتَغْرِقًا بِالْوَحْيِ وَلَا يَلْزَمُ وَصْفُهُ بِالنَّوْمِ كَمَا كَانَ يَسْتَغْرِقُ حَالَةَ إِلْقَاءِ الْوَحْيِ يَقَظَةً، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ بَيَانُ التَّشْرِيعِ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ كَمَا فِي سَهْوِهِ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا جَوَابُ ابْنِ الْمُنِيرِ بِأَنَّ السَّهْوَ قَدْ يَحْصُلُ لَهُ فِي الْيَقَظَةِ لِمَصْلَحَةِ التَّشْرِيعِ، فَفِي النَّوْمِ أَوْلَى أَوْ عَلَى السَّوَاءِ، وَجُمِعَ أَيْضًا بِأَنَّهُ كَانَ لَهُ حَالَانِ: أَحَدُهُمَا يَنَامُ فِيهِ الْقَلْبُ فَصَادَفَ هَذَا الْمَوْضِعَ، وَالثَّانِي لَا يَنَامُ وَهُوَ الْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا بَسَطَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ «عَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةً بِطَرِيقِ مَكَّةَ وَوَكَّلَ بِلَالًا أَنْ يُوقِظَهُمْ لِلصَّلَاةِ فَرَقَدَ بِلَالٌ وَرَقَدُوا حَتَّى اسْتَيْقَظُوا وَقَدْ طَلَعَتْ عَلَيْهِمْ الشَّمْسُ فَاسْتَيْقَظَ الْقَوْمُ وَقَدْ فَزِعُوا فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَرْكَبُوا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي وَقَالَ إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ فَرَكِبُوا حَتَّى خَرَجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي ثُمَّ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَنْزِلُوا وَأَنْ يَتَوَضَّئُوا وَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يُنَادِيَ بِالصَّلَاةِ أَوْ يُقِيمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالنَّاسِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ رَأَى مِنْ فَزَعِهِمْ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا وَلَوْ شَاءَ لَرَدَّهَا إِلَيْنَا فِي حِينٍ غَيْرِ هَذَا فَإِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا ثُمَّ فَزِعَ إِلَيْهَا فَلْيُصَلِّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ أَتَى بِلَالًا وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فَأَضْجَعَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُهَدِّئُهُ كَمَا يُهَدَّأُ الصَّبِيُّ حَتَّى نَامَ ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِلَالًا فَأَخْبَرَ بِلَالٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ»
ــ
٢٦ - ٢٦ - (مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ:) مُرْسَلًا بِاتِّفَاقِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَجَاءَ مَعْنَاهُ مُتَّصِلًا مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ قَالَهُ أَبُو عُمَرَ («عَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةً بِطَرِيقِ مَكَّةَ») قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْحَدِيثِ قَبْلَهُ لِأَنَّ طَرِيقَ خَيْبَرَ وَطَرِيقَ مَكَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَاحِدٌ.
(وَوَكَلَ بِلَالًا أَنْ يُوقِظَهُمْ لِلصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِتَخْفِيفِ الْكَافِ يُقَالُ: وَكَلَهُ مِنْ بَابِ وَعَدَ بِكَذَا إِذَا اسْتَكَفَاهُ إِيَّاهُ وَصَرَفَ أَمْرَهُ إِلَيْهِ، وَبِتَشْدِيدِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾ [السجدة: ١١] (سُورَةُ السَّجْدَةِ: الْآيَةُ ١١) . (فَرَقَدَ بِلَالٌ وَرَقَدُوا) نَامَ وَنَامُوا قَبْلَهُ وَاسْتَمَرُّوا رَاقِدِينَ (حَتَّى اسْتَيْقَظُوا) انْتَبَهُوا مِنْ نَوْمِهِمْ.
(وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ طَلَعَتْ عَلَيْهِمُ الشَّمْسُ فَاسْتَيْقَظَ الْقَوْمُ وَقَدْ فَزِعُوا) أَسَفًا عَلَى فَوَاتِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَا خَوْفًا مِنْ عَدُوٍّ كَمَا زُعِمَ.
(«فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَرْكَبُوا») فَقَالَ: " ارْتَحِلُوا "، وَفِي رِوَايَةٍ: " اقْتَادُوا ".
(حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي وَقَالَ: «إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ») وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ» ".
قَالَ ابْنُ رَشِيقٍ: قَدْ عَلَّلَهُ ﷺ بِذَلِكَ وَلَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ، قَالَ عِيَاضٌ: هَذَا أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ فِي تَعْلِيلِهِ، وَقِيلَ: لِاشْتِغَالِهِمْ بِأَحْوَالِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: تَحَرُّزًا مِنَ الْعَدُوِّ، وَقِيلَ: لِيَسْتَيْقِظَ النَّائِمُ وَيَنْشَطَ الْكَسْلَانُ، وَقِيلَ: لِكَوْنِ الْوَقْتِ وَقْتَ كَرَاهَةٍ، وَرُدَّ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ: «حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ» .
وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ: «حَتَّى وَجَدُوا حَرَّ الشَّمْسِ» .
وَلِلطَّبَرَانِيِّ: حَتَّى كَانَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُ الْكَرَاهَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَتَبِعَهُ
1 / 106