شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
تحقیق کنندہ
طه عبد الرءوف سعد
ناشر
مكتبة الثقافة الدينية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣م
پبلشر کا مقام
القاهرة
قَدْ قَدَّمَ التَّرْجَمَةَ وَهِيَ مِنْ كَلَامِهِ، وَكَذَا السَّنَدُ قَبْلَ الْحَدِيثِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّرْجَمَةَ وَالسَّنَدَ وَإِنْ كَانَا مُقَدَّمَيْنِ لَفْظًا لَكِنَّهُمَا مُتَأَخِّرَانِ تَقْدِيرًا، فِيهِ نَظَرٌ؛ أَيْ: لِأَنَّ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ مِنْ أَحْكَامِ الظَّاهِرِ لَا التَّقْدِيرِ، فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ مُقَدَّمٌ وَإِنْ كَانَ فِي نِيَّةِ التَّأْخِيرِ، وَأَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُ مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ ابْتَدَأَ بِخُطْبَةٍ فِيهَا حَمْدٌ وَشَهَادَةٌ فَحَذَفَهَا الرُّوَاةُ عَنْهُ، وَكَأَنَّ قَائِلَ هَذَا مَا رَأَى تَصَانِيفَ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ لَا يُحْصَوْنَ مِمَّنْ لَمْ يُقَدِّمْ فِي ابْتِدَاءِ تَصْنِيفِهِ خُطْبَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَهُمُ الْأَكْثَرُ، كَمَالِكٍ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ فَيُقَالُ لَهُ فِي كُلِّ هَؤُلَاءِ: إِنَّ الرُّوَاةَ عَنْهُ حَذَفُوا ذَلِكَ كُلَّهُ، بَلْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ صَنِيعِهِ، عَلَى أَنَّهُمْ حَمَدُوا لَفْظًا، أَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ مُخْتَصًّا بِالْخُطَبِ دُونَ الْكُتُبِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلِهَذَا قَلَّ مَنِ افْتَتَحَ كِتَابَهُ مِنْهُمْ بِخُطْبَةِ حَمْدٍ وَتَشَهُّدٍ كَمَا صَنَعَهُ مُسْلِمٌ، وَقَدِ اسْتَقَرَّ عَمَلُ الْأَئِمَّةِ الْمُصَنِّفِينَ عَلَى افْتِتَاحِ كُتُبِ الْعِلْمِ بِالْبَسْمَلَةِ وَكَذَا مُعْظَمُ كُتُبِ الرَّسَائِلِ، وَاخْتَلَفَ الْقُدَمَاءُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْكِتَابُ كُلُّهُ شِعْرًا فَجَاءَ عَنِ الشَّعْبِيِّ مَنْعُ ذَلِكَ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ لَا يُكْتَبَ فِي الشِّعْرِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ جَوَازُ ذَلِكَ، وَقَالَ الْخَطِيبُ: هُوَ الْمُخْتَارُ، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «أَنَّ عُثْمَانَ سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ: " هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْمِ اللَّهِ الْأَكْبَرِ إِلَّا كَمَا بَيْنَ سَوَادِ الْعَيْنِ وَبَيَاضِهَا مِنَ الْقُرْبِ» ".
وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ جَابِرٍ: " لَمَّا نَزَلَتْ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: ١] (سُورَةُ الْفَاتِحَةِ: الْآيَةُ ١) هَرَبَ الْغَيْمُ إِلَى الْمَشْرِقِ وَسَكَنَتِ الرِّيَاحُ وَمَاجَ الْبَحْرُ وَأَصْغَتِ الْبَهَائِمُ بِآذَانِهَا وَرُجِمَتِ الشَّيَاطِينُ وَحَلَفَ اللَّهُ بِعِزَّتِهِ وَجَلَالِهِ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُهُ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بَارَكَ فِيهِ ".
1 / 67