83

Sharh Bulugh al-Maram

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية

تحقیق کنندہ

صبحي بن محمد رمضان، أم إسراء بنت عرفة بيومي

ناشر

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

اصناف

حديث ابن عباس من فوائده: أن دبغ الجلد يطهره لقوله: "إذا دبغ الإهاب فقد طهر"، ولكن يشترط في الدباغ أن يكون مزيلا للنتن والرائحة الكريهة، أما إذا لم يكن كذلك فإنه لا يؤثر شيئا. ومن فوائد هذا الحديث: أن ظاهره أن أي إهاب دبغ فقد طهر حتى لو كان إهاب كلب، ولكن الراجح: أن هذا العموم يكون عموما معنويا على حسب الوصف الذي ورد عليه فلا يخص بذلك الجلد، أي: جلد الشاة المعينة، فالعموم نوعان: عموم لكل جلد، وعموم في جلد مقيد لصفة، فهنا إذا دبغ الإهاب ما دمنا عرفنا أن سبب ذلك أن الرسول ﷺ مر بشاة يجرونها، فمعلوم أن الشاة مما تحله الذكاة، فيكون المراد إذا دبغ الإهاب الذي من جنس الشاة فقد طهر. فإذا قال قائل: كيف تخصصون الجلد أو النوع واللفظ عام؟ قلنا: نظيره أن النبي ﷺ رأى رجلا قد ظلل عليه وزحاما حوله، وكان في سفر فقال: "ما هذا؟ " قالوا: صائم، قال: "ليس من البر الصيام في السفر" أي: ليس من البر الصيام في السفر فيمن كان حاله كهذا الرجل، بدليل أن الرسول ﷺ كان يصوم في السفر، حتى قال أبو الدرداء ﵁: كنا مع النبي ﷺ في رمضان في يوم شديد الحر، وأكثرنا ظلا صاحب كساء، ومنا من يتقي الشمس بيده، وما فينا صائم إلا رسول الله ﷺ، وعبد الله بن رواحة، ومعلوم أن الرسول ﵊ لا يدع البر ولا يفعل ما ليس ببر، وعلى هذا فيتعين أن يكون هذا العموم عاما في جنس من هذه حاله، وهذا لا ينافي قول العلماء: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ لأننا الآن لم نخصصه بالسبب، لو خصصناه بالسبب لقلنا: ليس من البر صيام هذا الرجل فقط، لكنا عممناه في جنسه، وهذا هو معنى قولنا: بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فعلى هذا يكون قوله: "إذا دبغ الإهاب". أي إهاب؟ إهاب هذا الجلد، يعني: الغنم، والغنم مما تحله الذكاة. ومن فوائد إتيان المؤلف ﵀ بلفظ الأربعة أصحاب السنن: "أيما إهاب": الإشارة بأن الأول في قوله: "الإهاب" في اللفظ الأول للعموم، حتى لا يقول قائل: إن "أل" للعهد "إذا دبغ الإهاب"، يعني: إهابكم هذا، وحينئذ نستفيد من هذا اللفظ ما استفدناه أولا أن الإهاب - أي إهاب كلن- من هذا النوع أو من هذا الجلد فإنه يطهر.

1 / 127