اعترافها بالعجز هو: شهاداتها على أنفسها أنها تعجز عن تحسين ما استقبحت من صورها، ولاتمتنع عن الزيادة والنقصان في أنفسها، ولاتملك لها ضرا ولانفعا في جميع أمورها، ولاموتا ولاحياة ولانشورا، فثبت أن صانعها غير لها متقدم عليها، وكيف شاهد صنعته معدوم؟ هذا مالا تختلج فيه الوهوم، ومن عجز عن تحسين ما قبح منه عنده كيف يصنع مثله أو ضده، تشهد بذلك العقول.
(فلما شهدت العقول على أن هذا هكذا، ثبت أن لها مدبرا حكيما دبرها، ومعتمدا اعتمدها، وقاصدا قصدها، ليس له شبيه ولامثيل).
تعالى من أوجد في المكلفين عقولا تشهد له بالأزلية، عند من استشهدها من البرية، فلما صحت مفعوله، استدل بها على فاعلها، ومتى علم الشيء استغني عن الدلالة عليه، وعلم العقول بالصانع من جهة الصنعة في حكمتها وتدبيرها وتصويرها، واعتمادها، وقصدها، تشهد بحكيم مقدر، وقديم مدبر، قصدها واعتمدها، لاتشبهه ولايشبهها، كمارأينا في الشاهد أن كل صانع لايشبه صنعته، ولا الكاتب كتابته، وقد ثبت أن العالم كالبيت، أرض وسماء، وسقف مرفوع ، ومهاد موضوع، النجوم في السماء كالقناديل في السقف، والنيرات كالشمعتين، والأرض كقرار البيت والفراش الممهود، ومافيها من النبات كالفواكه المعدة، وما فيها من الرياحين وأنواع الأنوار والزهرات، وأماكنها من الأرض كالروضة من البيت ، وما فيها من معادن الذهب والفضة كالخزائن المخزونة في البيت، والإنسان فيها كأرباب اليبوت الذين إليهم تدبيرها وسياستها، فيجب أن يكون حال السماء والأرض في الحدوث واستحالة القدم، كالبيت الذي يشاهد في مفازة أو برية إن لم نشاهد له فاعلا ولابانيا في أنا لانشك في حدوثه، وتجدده، وكونه مبنيا بنيان قادر.
صفحہ 29