(وكان نظره بعين النصيحة لنفسه).
نصح نفسه لمانظر في الأدلة، وهي عين النصيحة أي: نفسها في كل مايصلحه من أمر دينه ودنياه، فعبر عن الشيء بعينه، طبع ركبت عليه الأجسام، وصنع لحكيم على مايستدل به على الله أهل العقول والأفهام، لما في ذلك من الصلاح للعباد والبلاد، وانتزاح التشبيه والإلحاد، حججه دالة عليه ومحجة مسلوكة إليه.
(قد ملك عقله الحكم على هواه).
جعل العقل منه ملكا، وهواه مملوكا، فكان حاكما عليه بمايجب عنده إذا خرج عن الطريق الحسنة إلى مدرجة القبيح، فسبح فيها مع كل ريح.
والهوى، من القصد، ولايخلو أن يقصد الحسن أو القبيح، والاعتقاد السقيم أو الصحيح، مع انقياده للعقل، أو مكابرته له بالجهل، وهو الذي أشار إليه وعناه.
(وقيد شهواته بآسار الذل تحت سلطان الحكمة).
فسلطان الحكمة هو العقل، وهو مقيد للشهوات.
(بآسار الذل) مأخوذ من الحبل الذي تربط به يد الأسير، وهو المستولى عليه في الحرب والمظفور به، فشبه ذلك كذلك، وباعث الشهوات الهوى المردي، والنوى المكدي، فصار الهوى بحكم العقل ذليلا فما أراه إلى الحق سبيلا، ورده عن جماحه، وصده عن صلاحه.
صفحہ 86