ثم أصحابه يعومون عوما.... في ضلال وفي عمى وسط لجه وعلى هذا طائفة من أصحاب الحديث وعوام المتفقهة، ينكرون الاستدلال بالأدلة العقلية، فأراد الله تعالى بإنزال هذه الآية أن يكشف لنا عن حاجتنا إلى الفزع إلى العقل، ولهذا قوله: ?يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم..? الآية [الحج: 1] ، على أن المراد به العقلاء دون المجانين؛ لأن العقل دل على أن المجنون لايكون مكلفا، إن كان الحكم الذي يدل عليه الظاهر حكما شرعيا عرف به المراد باستدلال شرعي، من قياس، أو إجماع، أو خبر وارد، وكذلك حكم الخبرين والقياسين إذا تنافيا في الحكم الشرعي؛ عرف المراد منهما بضرب من الاستدلال، فإن تساويا من الوجوه كلها جاز ذلك عندنا ، وكان العالم مخيرا يأخذ أيهما شاء.
ولهذا قال بعض مشائخنا بالتخيير بين المسح للرجل، واستيعابها غسلا، وذهب إلى جميع ذلك الناصر للحق عليه السلام. وبين إفراد الإقامة وبين تثنيتها. وبين رفع اليدين في تكبيرة الإحرام وتسكينهما. وذهب الهادي عليه السلام إلى تسكينهما. وبين الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والمخافتة. ولايخطأ من فعل بأحدهما.
وقد جمع بعض أصحابنا بين المسح والغسل، وبين الرفع والتسكين، بأن يرفع يديه ثم يرسلهما، ثم يلحق التكبيرة بعد أن يرسلهما.
ولايجوز إذا كان الحكم عقليا التخيير، ومن أصول الدين في التوحيد والعدل، ولابد من أن يكون المراد أحدهما ويجب الرجوع إلى ما فى العقل، وربما كان دليل موجب العلم من أدلة الشرع كالإجماع، وما شاكله، في أن المراد أحدهما.
وقد ذكرنا فيما تقدم أن التكليف على أربعة أضرب، ولم نستوف الكلام فيه وهذا موضع استيفاء بسطه للمتعلم، والورع المتفهم.
صفحہ 38