103

شرح ألفية ابن مالك للحازمي

شرح ألفية ابن مالك للحازمي

اصناف

وهذا لا يلتبس، بعض الطلاب يقول: يلتبس، لا ما يلتبس، لماذا؟ لأنك ترجع إلى العنوان: تنوين التنكير من إضافة الدال إلى المدلول، حينئذٍ تنوين يدل على تنكير مدخوله، فإذا وجدت التنوين نطقت به: إيهٍ فهو نكرة .. إيه فهو معرفة، سيبويهٍ نكرة، سيبويهِ فهو معرفة، فإذا أردت غير معين قلت: سيبويهٍ وإيهٍ بالتنوين، وهذا التنوين يدخل بابين: العلم المختوم بويه قياسًا، واسم الفعل سماعًا.
والثالث: تنوين التعويض، ويسمى: تنوين العوض، بإضافة بيانية، يعني: تنوين هو العوض؛ لأن بين المتضايفين عمومًا وجهيًا، أي: تنوين هو عوض، وهو ثلاثة أنواع:
الأول: عوض عن حرف، يعني: يحذف الحرف ويؤتى بالتنوين بدله، ليس كقاضٍ، هناك حذف حرف وهو الياء لكن التنوين ليس عوضًا عنه، وقد قيل به لكنه ضعيف؛ لما ذكرناه.
عوض عن حرف، وذلك التنوين، نحو: جوارٍ وغواشٍ، جوارٍ وغواشٍ، هذا صيغة منتهى الجموع وهو ممنوع من الصرف، يعني: معتل اللام من صيغة منتهى الجموع ينون، لكن التنوين هنا عوض عن حرف، وهو الياء، هو لا يكون واويًا وإنما يكون يائيًا، يعني: آخره ولامه ياء، ولا يكون واويًا، هذا التنوين في جوارٍ وغواشٍ، نقول: هذا التنوين عوض عن حرف.
وفلسفة الحذف والتنوين ستأتينا في باب الممنوع من الصرف فلا نستعجل.
لكن الشاهد هنا: أن جوارٍ وعواشٍ، نقول: التنوين هنا ليس تنوين صرف، لماذا؟ لأنه هو ممنوع من الصرف، وتنوين الصرف، قلنا: لا يدخل الممنوع من الصرف، أليس كذلك؟ كذلك ليس تنوين تنكير، لماذا؟ لأن تنوين التنكير محصور في بابين اثنين وهذا ليس منها، وهل هو تنوين مقابلة؟ لا؛ لأن تنوين المقابلة خاص بجمع المؤنث السالم، إذًا: ماذا بقي؟ نجعل له عنوانًا وهو تنوين عوض عن حرف كما سيأتي بيانه في موضعه.
عوضًا عن الياء المحذوفة في الرفع والجر، هذا مذهب سيبويه والجمهور، وضابطه: أنه اللاحق لكل اسم ممنوع الصرف منقوص، يعني: معتل اللام ولا يوجد واوي في مثل هذا التركيب.
النوع الثاني: عوض عن جملة، وهو التنوين اللاحق لإذ .. إذ:
وَألْزَمُوا إِضَافَةً إِلَى الْجُمَلْ ... حَيْثُ وَإِذْ وَإَنْ يُنَوَّنْ يُحْتَمَلْ
كما سيأتينا، فإذ ملازمة للإضافة إلى الجمل .. إلى الجملة، فحينئذٍ قد تحذف هذه الجملة، ويعوض عنها التنوين، فيقال: هذا التنوين عوض عن جملة، أو عن جمل، وهذا المشهور أنه لاحق لإذ، وحمل عليه إذا وأيٌّ، في نحو: يومئذٍ، وحينئذٍ، وقد مثل الشارح هنا بقوله: «وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ» [الواقعة:٨٤] يعني: وأنتم حينئذ بلغت الروح الحلقوم تنظرون، لأنها قاعدة العرب الكبرى، السيوطي في الأشباه والنظائر يقول: أول قاعدة ينبغي أن يعتنى بها هي قاعدة الاختصار، دائمًا العرب يختصرون: فإذا أمكن عدم إعادة ما سبق فالأولى حذفه عندهم إلا لقرينة: وأنتم حينئذٍ .. حينئذ بلغت الروح الحلقوم .. هو قال في الأول: «فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ» [الواقعة:٨٣] ثم لما أريد إعادتها دفعًا للتكرار حذفت اختصارًا، وجيء بالتنوين بدلًا عنها، هذا عوض عن جملة، حينئذ بلغت الروح الحلقوم.

6 / 21