شرح الوصية الكبرى لابن تيمية - الراجحي
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية - الراجحي
اصناف
اختلاف العلماء في حكم تكفير الخوارج
وهذه النصوص استدل بها بعض العلماء على تكفير الخوارج، وقالوا: إن هذه الأدلة صريحة في كفرهم، وذلك أن النبي ﷺ قال: (يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية)، والذي يمرق من الشيء فإنه يخرج منه، فدل ذلك على كفرهم.
وقد أمر النبي ﷺ بقتالهم فقال: (أينما لقيتموهم فاقتلوهم؛ فإن في قتلهم أجرًا عند الله لمن قتلهم)، ثم شبههم بعاد، فقال: (لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)، وعاد قوم هود قوم كفار، فدل على كفرهم.
ومما احتجوا به أيضًا ما جاء في رواية: (يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون إليه).
وذهب الجمهور إلى أنهم مبتدعة وليسوا كفارًا، وقالوا: إنهم متأولون، وفرق بين المتأول والجاحد، فالجاحد يكفر والمتأول لا يكفر، وهذه النصوص تدل على فسقهم وبدعتهم ولا تدل على كفرهم، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ حيث قال: إن هذا هو حكم الصحابة عليهم، فالصحابة حكموا عليهم بأنهم مبتدعة ولم يحكموا عليهم بالكفر.
واحتجوا بقول علي ﵁ لما سئل عنهم: أكفار هم؟ قال: لا، من الكفر فروا.
والقول بتكفيرهم قول قوي؛ لأن النصوص صريحة بتكفيرهم، وإن كان الجمهور يرون أنهم مبتدعة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وهؤلاء لما خرجوا في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁ قاتلهم هو وأصحاب رسول الله ﷺ بأمر النبي ﷺ وتحضيضه على قتالهم، واتفق على قتالهم جميع أئمة الإسلام].
أي: أن هؤلاء الخوارج لما خرجوا في خلافة علي ﵁ قاتلهم هو والصحابة ﵃؛ عملًا بالنصوص التي فيها الحض على قتالهم، كما سبق في الأدلة: (فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم عند الله) وقوله: (لئن لقيتهم لأقتلنهم قتل عاد)، فاتفق على قتالهم جميع أئمة الإسلام.
6 / 4