شرح الوصية الكبرى لابن تيمية - الراجحي
شرح الوصية الكبرى لابن تيمية - الراجحي
اصناف
إفراد الكلام في النقط والشكل
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكذلك إفراد الكلام في النقطة والشكل بدعة نفيًا وإثباتًا، وإنما حدثت هذه البدعة من مائة سنة أو أكثر بقليل، فإن من قال: إن المداد الذي تنقط به الحروف ويشكل به قديم فهو ضال جاهل، ومن قال: إن إعراب حروف القرآن ليس من القرآن فهو ضال مبتدع، بل الواجب أن يقال: هذا القرآن العربي هو كلام الله، وقد دخل في ذلك حروفه بإعرابها كما دخلت معانيه، ويقال: ما بين اللوحين جميعه كلام الله، فإن كان المصحف منقوطًا مشكولًا كالمصاحف القديمة التي كتبها الصحابة كان أيضًا ما بين اللوحين هو كلام الله، فلا يجوز أن تلقى الفتنة بين المسلمين بأمر محدث ونزاع لفظي لا حقيقة له، ولا يجوز أن يحدث في الدين ما ليس منه.
] قوله: (وكذلك إفراد الكلام في النقطة والشكل بدعة نفيًا وإثباتًا) يعني: كأن يقال: هذه النقطة من كلام الله أو هذا الشكل من كلام الله، أو هذه النقطة ليست من كلام الله أو هذا الشكل ليس من كلام الله، يقول المؤلف: فهذه بدعة، فلا يقال هذه النقطة من كلام الله، ولا يقال ليست من كلام الله، فالذي يقول: إن هذه النقطة من كلام الله أو ليست من كلام الله فهو مبتدع، والذي يقول: هذه التشكيلة من كلام الله أو ليست من كلام الله فهذا مبتدع أيضًا.
يقول المؤلف: (وإنما حدثت هذه البدعة من مائة سنة أو أكثر بقليل؛ فإن من قال: إن المداد الذي تنقط به الحروف ويشكل به قديم فهو ضال جاهل) والمداد: هو الحبر الذي تنقط به الحروف وتشكل، وهو حبر معروف تركيبه.
قوله: (ومن قال: إن إعراب حروف القرآن ليس من القرآن فهو ضال مبتدع) فإعرابه: كالمدود، وكذلك إخراج الحروف من مخارجها، وهذا كله من القرآن، فمن قال: إنه ليس من القرآن فهو ضال مبتدع.
ثم قال المؤلف: (بل الواجب أن يقال هذا الكلام العربي هو كلام الله) أي: أن هذا القرآن العربي الموجود في المصاحف والذي نقرأه هو كلام الله، ويدخل في ذلك حروفه بإعرابها كما دخلت المعاني، ويقال: إن ما بين اللوحين جميعه كلام الله، أي: ما بين الغلاف الأول والثاني، وهذا هو الحق، وكذلك يقال: إن القرآن العربي كلام الله ويدخل فيه حروفه بإعرابها وتدخل فيه معانيه، فنقول: إن القرآن كلام الله حروفه ومعانيه.
يقول المؤلف: (فإن كان المصحف منقوطًا مشكولًا) أطلق على ما بين اللوحين جميعه أنه كلام الله، وإن كان غير منقوط ولا مشكول -كما في المصاحف القديمة التي كتبها الصحابة- كان أيضًا ما بين اللوحين هو كلام الله.
يقول المؤلف: إن الصحابة كتبوا القرآن خاليًا من النقط ومن غيره، فيقال: ما بين اللوحين هو كلام الله، وجاء من بعدهم من نقطها وشكلها فيقال: أيضًا ما بين اللوحين هو كلام الله، فإن كان مشكولًا منقوطًا فهو كلام الله، وإن كان ليس بمشكول ولا منقوط فهو كلام الله أيضًا.
يقول المؤلف: (فلا يجوز أن تلقى الفتنة بين المسلمين بأمر محدث ونزاع لفظي)؛ لأنه حصل نزاع في زمنه ﵀، فبعضهم قال: إن النقط ليست من كلام الله، والتشكيل ليس من كلام الله، وبعضهم قال: بل هو كلام الله، فالمؤلف يقول: بأن هذه فتنة، ويقول: إن المصاحف القديمة مكتوبة بدون نقط ولا شكل ومع ذلك فهي كلام الله، وإن كانت منقوطة مشكولة فهي كلام الله أيضًا، فلا يجوز أن يحدث في الدين ما ليس منه والله أعلم.
9 / 10