238

============================================================

المرصد الخامس - المقصد الثالث: النظر الصحيح عند الجمهور النظر فيها عدول عن الظاهر، فالأولى في الجواب ما ذكره الإمام الرازي من أن النظرى الواجب الحصول حكمه حكم الضروري، إلا في المقدورية وما يتبعها، فإن الإنسان لا يمكنه أن يعتقد ما يناقض الضروري، إذ الموجب للحكم فيه تصور طرفيه، فإذا اوجب تصورهما حكما إيجابيا لم يمكنه بعد تصورهما أن يعتقد السلب بينهما قوله: (عدول عن الظاهر) اي الظاهر المجمع عليه فكاته خرق للإجماع.

قوله: (فالأولى إلخ) إنما قال: ذلك لأن العدول عن الظاهر يجوز إذا كان له باعث، وقد وجد وهو الجمع بين كون العلم مكلفا به، وكونه غير مقدور ووجود جواب آخر، لا حاجة فيه إلى العدول يتتضي أولوية لا عدم صحة الجواب بالعدول: قوله: (وما يتبعها إلخ) وهو التكليف.

قوله: (إذ الموجب إلخ) خص البيان بالأولى مع أن غيره من الضروريات أيضا غير مقدورة، لأنها لمدخلية الإحساس فيها، ولذا عبر عنها بالحسيات موقوفة على أمور لا تعلم ما هي، ومتى صلت وكيف حصلت لأن اشتباه العلم النظري بعد فرض كونه لازم الحصول، إنما هو به دون ما سواه لمدخلية الإحساس فيه بخلاف العلم النظرى على ما مر فلا يرد ما ذكره إنما يتم في الأوليات مع أنه لا تكليف في مطلق الضروريات.

قوله: (فاذا أوجب تصورهما إلخ) خلاصته أن العلم الأولي بعد تصور الطرفين، والنسبة لازم الحصول لايتمكن العبد من تركه، فيكون غير مقدور بخلاف العلم النظري، فإنه يتمكن من تركه بعد تصور الطرفين، والنسبة بترك النظر في تحصيله فهو مقدور، وأما قبل تصور الطرفين فكلاهما يمتنع تعلق القدرة بهما لامتناع تعلق القدرة بالمجهول، فتدبر فإنه قد زل في الأقدام.

قوله: (عدول عن الظاهر) قيل: الباء في بالنظر ليست صلة للتكليف بل للسببية، والمعتى التكليف بالعلم وإن كان واجبا بعد النظر بسبب النظر ومقدوريته، ولا نسلم قبح التكليف بواجب طريق تحصيله مقدور فإن مقدورية المكلف به أعم من مقدوريته في نفسه، ومقدورية طريق تحصيله، وبالجملة التكليف بالعلم قبل النظظر، والعلم حينثذ مقدور بلا ريبة، ووجوبه بعد النظر لا ينافي تلك المقدورية الحاصلة حين التكليف، فلا نسلم العدول ولو سلم فاعتبار المقدورية في الملكلف به يقتضيه، والعدول عن الظاهر للتوفيق بين القواعد ليس أول قارورة كسرت في الإسلام، والجواب الأخير ظاهر فإن مبنى الرد أنه لا ضرورة في ذلك العدول، لتتحقق المقدورية في نفس العلم النظري كما سيذ كره في الجواب الأول، نعم لو ثبت تصريحهم بأن التكليف إنما هو بالأفعال لكان لذلك العدول وجه، والحق على ما قيل: إن الرد المذكور غير مرضي عند الشارح ايضا كما سيظهر من تحقيقه عن قريب.

قوله: (فالأولى في الجواب إلخ) فيه بحث أما أولا : فلأنه لا يكاد يتم إلا في الأوليات مع أنه لا تكليف في مطلق الضروريات، لكونها غير مقدورة التحصيل للمخلوق، وأما ثاتيا فلأن الموجب للحكم في الأوليات تصور الطرفين على وجه مخصوص هو مناط الحكم، فإذا غفل عن تصورهما على ذلك الوجه، امكن اعتقاد النقيض والقول بأن تصور الطرفين على ما هو مناط

صفحہ 238