============================================================
المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية سطح الماء إليه أيضا فيرى مرة في السماء بالشعاع النافذ، ومرة في الماء بالشعاع المنعكس (وكالأ حول) أي الذي يقصد الحول تكلفا (فإنه يرى الواحد اثنين) بسبب وقرع الانحراف في العصبتين أو في إحداهما، وأما الأحول الفطري فقلما يرى الواحد اثنين، وذلك لاعتياده بالوقوف على الصواب (وبالعكس) اي ويرى الكثير واحدا ملاصقا لسطح الماء نافذا إلى الهواء، فيرى ذلك الشعاع قمر السماء بطريق النفوذ إليه، وقمر الماء بطريق انعكاس الشعاع إليه دفعة واحدة لقربهما فيرى لذلك قمرين قوله: (وينمكس من سطح الماء) وذلك لأن وضع قمر السماء عن سطح الماء كوضع قمر الماء، ولذا قالوا: لو رصد ارتفاع قمر السماء بالآلة واتحطاط قمر الماء بها في دائرة الارتفاع لوجد كل واحد منهما مساويا للآخر، وإنما شرط كونه عند طلوعه مع أنه كذلك عند كونه مرتفعا لأن ذينك القمرين إنما يريان دفعة واحدة حال كونهما قريبين من الأفق، وأما عند تباعدهما فيرى أحدهما بعد الآخر بتقليب الحدقة والالتفات إليه.
قوله: (لاعتياده بالوقوف الخ) باستعمال الحاستين بالوضع الذي يقع الشعاع الخارج عنهما من محاذاة واحدة فيرى واحدا اما إذا لم يستعمل الحاستين على ذلك الوضع، بل على وضع يعتاده من لا حول له يرى الواحد اثنين، ولذا قال الشارح رحمه الله: فقلما.
قوله: (أي الذي يقصد الحول تكلفا) قيل: فحينثذ يكون مغنيا عن حديث الغمز في القمر، لأن ذلك من صور الحول الجعلي، وأنت خبير بأن المقصود تكثير امثلة الغلط، فلا ضير في التعميم بعد ذكر صورة منه، ولا في أن يحمل على غيره من الصور.
قوله: (وذلك لاعتياده بالوقوف على الصواب) فيه بحث مشهور وهو آن الاعتياد بالوترف على الصواب لا يدل على أنه يرى الواحد واحدا، فربما يراه اثنين لكن باعتياده المذ كور يجزم بأن ما يراه اثتين واحد، وقد يجاب بأن الإدراكات تتوقف على التفات النفس، فإذا رأت الواحد اثنين وعلم أن الواقع ليس كذلك يعرض عن إحدى الصورتين، ولا يلتفت إليها فلا يحصل بسبيه إدراك الواحد اثنين، فلا يتجه أن سبب الغلط موجود، فكيف لا يغلط؟ ويؤيده ما قيل: إن ما يقع عليه شعاع البصر قريب من نصف كرة العالم، وعند الالتفات إلى نقطة لا يدرك إلا تلك النقطة، وأنت خبير بأن اعتفاد أن الواقع ليس كذلك متحقق في الأحول الجعلي أيضا، بل هو فيه اظهر فينبغي أن لا يرى الواحد اثنين أيضا، وتحقيق مراد الشارح عندي ان الأحول الفطري ربما يحرف العصبتين من الوضع الخلقي بالنسبة إليه، فيجد الوضع الخلقي بالنسبة إلى توعه، إذ انحراف المنحرف قد يؤدي إلى الاستقامة فمعنى كلامه أن الأحول الفطرى لما كان واقفأ على خطا حكمه بقتضى حسه حال كونه على الوضع الطبيعي بالنسبة إلى شخصه بحرف العصبتين طالبا لادراكه بوجه آخر مغايرا لما أدركه اولا، فيجد الاستقامة وهذا الوجدان صار ملكة له لاعتياده بالوقوف على الصواب، وكيفيته الا يرى انه إذا نظر إلى شيء يعتبر وضعه في النظر فمنهم من هو كانه پنظر بمؤخر عينيه، ومنهم من ينظار بوچه آخر على حسب وجداته الاستقامة وبه يظهر آن
صفحہ 139