شرح الجامع الصحيح
شرح الجامع الصحيح
اصناف
<1/195>ما جاء أن المرأة لا تنقض شعرها في الغسل من الجنابة قوله: «عن أسامة بن زيد»: بن حارثة بن شراحيل، وقد تقدم تقدم نسبه عند ذكر أبيه زيد بن حارثة، وأمه أم أيمن حاضنة النبيء صلى الله عليه وسلم، فهو وأيمن أخوان لأم، يكنى أبا محمد، وقيل: أبو زيد، وقيل: أبو يزيد: وقيل: أبو خارجة، وهو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبويه، وكان يسمى حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وشك في الأمر بعد قتل عثمان فلم يبايع عليا ولا شهد معه شيئا من حروبه، وقال لعلي لو أدخلت يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها ولكنك قد سمعت ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قتلت ذلك الرجل الذي شهد أن لا إله إلا الله، وذلك ما حدث به محمد بن أسامة بن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه عن جده أسامة بن زيد قال: أدركته يعني كافرا كان قتل في المسلمين في غزاة لهم، قال: أدركته أنا ورجل من الأنصار، فلما شهرنا عليه السلاح قال: أشهد أن لا إله إلا الله فلم نبرح عنه حتى قتلناهن فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه خبره فقال: يا أسامة من لك بلا إله إلا الله، فقلت: يا رسول الله إنما قالها تعوذا من القتل، فقال: من لك يا أسامة بلا إله إلا الله، فوالذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى وددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن وأني أسلمت يومئذ، فقلت: أعطي الله عهدا أن لا أقتل رجلا يقول: لا إله إلا الله، والفرق بين المسألتين ظاهر، فإن المقتول الاول إنما يقاتل ليقول: لا إله إلا الله، فإذا قالها عصم دمه وماله إلا بحقها، وإن المقاتل الثاني إنما يقاتل ليرجع إلى حق لا إله إلا الله، وهو القيام بواجبات الشرع من طاعة الإمام العادل والقيام بحقوقه وترك التمرد والبغي عليه، وتوفي آخر أيام معاوية سنة ثمان أو تسع وخمسين، وقيل توفي سنة<1/196> أربع وخمسين، وصححه بعضهم، وقيل: توفي بعد قتل عثمان بالجرف وحمل إلى المدينة، روى عنه أبو عثمان النهدي وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وغيرهما.
قوله: «تستفتيه لامرأة»: الظاهر أن هذه المرأة هي أم سلمة نفسها كما وقع ذلك عند الجماعة إلا البخاري، ولفظ الحديث عندهم عن أم سلمة قالت: «قلت: يا رسول الله إني امرأة أشد ظفر رأسي أفأنقضه بغسل الجنابة، قال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين»، ويدل على أنها إنما سألت لنفسها التفاته صلى الله عليه وسلم إليها بالخطاب في قوله: «واغمزي قرونك ... الخ»، وإنما قال أسامة: تستفتيه لامرأة جاءتها؛ لقولها في السؤال: «امرأة تشد شعر رأسها ... الخ» فإن أسامة لما سمع هذا السؤال من أم سلمة نقله على وفق الكيفية التي سمعها، وهي إنما عرضت بذلك عن نفسها.
قوله: «أن تحثي»: يقال: حثيت وحثوت لغتان مشهورتان مأخوذ من قولهم حثى الرجل التراب إذا هاله بيده، وبعضهم يقول: إذا قبضه بيده ثم رماه، ومنه فأحثوا التراب في وجهه.
وقوله: «ثلاث حفنات»: جمع حفنة، وهي ملء الكف من كل شيء، وهي الحثية بمعنى، والمراد هاهنا ثلاث غرفات على معنى التشبيه بحثي التراب.
قوله: «تشد شعر رأسها»: أي: تظفره وتفتله.
وقوله: «واغمزي قرونك»: أي بيدك حتى يبلغ الماء أصول الشعر ولا يلزم العلم بوصوله؛ بل يكفي الظن، والغمز باليد الجس مع حركة مخصوصة مأخوذة من قولهمك غمزت الكبش بيدي، إذا جسسته لتعرف سمنه، والقرون جمع قرن وهو الخصلة من الشعر، ويقال للرجل: قرنان أي ظفيرتان.
صفحہ 231