شرح الجامع الصحيح
شرح الجامع الصحيح
اصناف
« والمتدالين» هم الذين يستدل بعضهم على بعض في ما جرت العادة بالإدلال في مثله بين الإخوة في الدين، وفيه أن الإدلال من السنة وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم <1/120> عند أبي الهيثم وأم هانئ، وجاء به الكتاب العزيز في قوله:{أو صديقكم ليس عليكم جناح ان تاكلوا جميعا او اشتاتا}[النور:61]، وعليه سلف السلف الصالح رضوان الله عليه، وفي نسخة: المتأدبين في مكان المتدالين في، وفي نسخة أخرى بالجمع بينهما، والمتأدبين: هم الذين يفعلون مع بعضهم بعض، ما تقتضيه أوامر الشرع من محاسن الأخلاق، ويتركون سفاسف الأمور، وقد اشتمل الحديث على محاسن الدين والدنيا، وعلى الأحوال الظاهرة والباطنة، ومحاسن الحركات والسكنات، والأحوال البدنية والمالية، كما يلوح ذلك لعين من يبصر الحقائق.
ما جاء في حب العبد لقاء ربه.
قوله: «إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه»: المراد بلقاء الله تعالى، الرجوع إليه، المذكور في قوله تعالى { وإليه ترجعون }[القصص: 70]، وقوله حكاية عن المؤمنين:{قالوا: إنا لله وإنآ إليه راجعون}[البقرة:156]، والرجوع إليه هو النقل من دار الفناء إلى دار البقاء، وباب ذلك الموت. قال ابن المبارك عن عبد الله بن عبيد الله قال: قال رجل: يا رسول الله، مالي لا أحب الموت؟ قال: "هل لك مال؟ فقدم مالك بين يديك، فإن المرء مع ماله، إن قدمه أحب أن يلحقه، وإن خلفه أحب أن يتخلف معه. وروى الأصبهاني في الترغيب عن أنس: "إن حفظت وصيتي فلا يكونن شيء أحب إليك من الموت". وروى الديلمي عن السيد الحسين: "الموت ريحانة المؤمن". وفي حديث جابر: "الموت تحفة المؤمن، والدراهم والدنانير ربيع المنافق، وهما زاداه إلى النار".
صفحہ 140