شرح الجامع الصحيح
شرح الجامع الصحيح
اصناف
قوله: «فإن تاب جدد له العمل» أي أعطي ثواب عمله وغفر له ما سلف، فإنه أسلم على ما أسلف من خير {إن الحسنات يذهبن السيئات}[هود:114] فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}[الفرقان:70]، والحديث موافق لمفهوم قوله تعالى: {فيمت وهو كافر}[البقرة:217]، فإنه يدل على أن الإحباط مشروط بالموت على الكفر، ومفهومه أنه إن تاب فلا إحباط بل يعطى ثوابه وكذا قول عائشة رضي الله عنها: "أبلغي زيدا أنه قد أبطل غزوه وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبطل حجه وصلاته وصيامه إن لم يتب". وفي المسألة ثلاثة أقوال، أحدها: الأخذ بظاهر هذه الأدلة، وهو أن الإحباط مشروط بالموت على الكفر، وثانيها: أن عمله قد بطل ولا ثواب له، وإن رجع، ولا يطالب بإعادة شيء منه إلا في الحج، وثالثها: يبطل عمله وثوابه، ويطالب بالإعادة، والذي يظهر لي -والعلم عند الله تعالى- التمسك بظواهر الأدلة، وهو أنه إن تاب جدد له العمل، أي أعطي ثوابه غير أني أقول عليه إعادة الحج دون سائر الأعمال لأن الحج يجب بالإسلام مرة واحدة، وهذا قد أسلم إسلاما جديدا فيجب عليه في إسلامه هذا أن يحج حجا مستأنفا، لا لبطلان الحج الأول لكن لتجدد السبب، فإن الإسلام بني على خمس منها الحج فلا يكون في إسلامه هذا آتيا بأركان الإسلام حتى يحج، كما أنه لا يكون آتيا بها حتى يصلي ويصوم ويزكي فهذا من شرط إسلامه الجديد، ويعطي بمحض الفضل ثواب عمله الأول، وهذا معنى لم أر من نبه عليه ولله الحمد على لطيف مواهبه فاشدد به يدا.
صفحہ 117