127

شرح الفتوى الحموية

شرح الفتوى الحموية

اصناف

ما ورد من الأدلة الدالة على علو الله [قال محمد: وهذا الحديث يبين أن الله ﷿ على العرش في السماء دون الأرض، وهو أيضًا بين في كتاب الله، وفي غير حديث عن رسول الله ﵌] . فالنزول يقتضي أنه في العلو، ولذلك كان من أدلة علو الله ﷾ أنه ﷾ على عرشه. [قال تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ [السجدة:٥] ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أم أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾ [الملك:١٦-١٧] وقال تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر:١٠] وقال: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ [الأنعام:١٨] وقال سبحانه: ﴿يا عيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ﴾ [النساء:١٥٨] وقال: ﴿بلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾ [النساء:١٥٨]] . كل هذا دال على علو الله ﷾، وقد تقدم ذكر أدلة العلو، وأن العلو دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والفطرة والعقل، فاجتمعت في إثباته جميع الدلائل، والشيخ ﵀ إنما ذكر بعض الآيات الدالة على علوه ﷾، وإلا فالآيات -كما تقدم في كلام شيخ الإسلام ﵀ أكثر من أن تحصى. [وذكر من طريق مالك قول النبي ﷺ للجارية: (أين الله؟ قالت: في السماء. قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: فأعتقها) قال: والأحاديث مثل هذا كثيرة جدًا، فسبحان من علمه بما في السماء كعلمه بما في الأرض لا إله إلا هو العلي العظيم. وقال قبل ذلك في الإيمان بصفات الله تعالى وأسمائه، قال: واعلم بأن أهل العلم بالله وبما جاءت به أنبياؤه ورسله يرون الجهل بما لم يخبر به عن نفسه علمًا] . فمن كمال علمهم بالله ﷿ أنهم يسكتون عما سكت، وأن العلم فيما لم يذكره الله ﷾ عن نفسه أو لم يذكره عنه رسوله هو السكوت والجهل، وهو تمام الانقياد والعبودية لله ﷿؛ لأنهم يعلمون أنهم لا يحيطون به ﷾ علمًا، ومن تمام كماله أن عجزت العقول عن إدراك حقيقة ما أخبر، فضلًا عن أن تدرك كل صفاته وأسمائه جل وعلا.

16 / 5