Sharh al-Aqidah al-Wasitiyyah by Khalid al-Muslih
شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح
اصناف
كونه الأول والآخر والظاهر والباطن
ثم قال: [وقوله سبحانه: ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد:٣]] .
هذه الآية فيها إثبات صفة الأولية لله ﷾ وصفة الآخرية، والظاهرية والباطنية، وهذه أربع صفات فسرها النبي ﷺ تفسيرًا يبين معناها، وذلك فيما ثبت في صحيح مسلم من قوله ﷺ: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء) .
فالأول هو السابق لكل شيء، وليس قبله شيء، قال: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء)، فهو الآخر ﷾، فله الآخرية المطلقة؛ لأنه الدائم بلا انتهاء ﷾، وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، وكل اثنين من هذه الأسماء الأربعة مرتبطان، فالأول والآخر مرتبطان وبهما يحصل كمال المعنى، والظاهر والباطن مرتبطان وبهما يحصل كمال المعنى المراد إثباته لله ﷾، فالأول والآخر فيهما إثبات الإحاطة الزمانية له ﷾، والظاهر والباطن فيهما إثبات الإحاطة المكانية له جل وعلا.
ثم أكد هذه الإحاطة بقوله ﷾: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحديد:٣]، و(الظاهر) مضمن معنى (العلي)، فهو ظاهر على كل شيء ظهورًاَ مكانيًا -فهو فوق كل شيء ﷾ وظهورًا معنويًا.
وأما الباطن فقد فسره بعضهم بالقريب، فقالوا: هو القريب من كل شيء، والقرب هنا ليس القرب الذي ذكره الله ﷿ لأوليائه، كقربه ممن دعاه، وقربه من الساجد؛ فإن ذلك قرب خاص، وإنما القرب هنا قرب عام، وهذا على القول بأن القرب ينقسم إلى عام وخاص، وسيأتي رأي شيخ الإسلام ﵀ في هذه المسألة فيما يذكره من صفة القرب، وأن القرب لا ينقسم إلى قرب عام وخاص، بل القرب لا يكون إلا خاصًا.
وعليه فيكون معنى الباطن الذي لا تخفى عليه من خلقه خافية، فلا يحجب ﷾ خلقه عنه شيء، بل هو المطلع على ظواهرهم وبواطنهم، وقد أطال الكلام على هذا ابن القيم ﵀ في (طريق الهجرتين)، ولما أفهم وبين وخشي أن يكون القارئ غير مدرك لما ذكر، قال: فإذا لم تستطع فهم هذا فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع، يعني أن الإنسان لا يلزم أن يكون مدركًا لمعنى كل اسم من أسماء الله ﷿ على وجه الكمال، فإذا خفي عليه شيء، أو ضاق ذهنه أو فهمه عن إدراك معنى شيء من أسماء الله ﷿، فالواجب عليه أن يؤمن بما أخبر الله به ورسوله على مراد الله ورسوله ويمضي.
5 / 4