قال المفسر: يقول أبقراط إن «الأمراض الحادة A ليس يوثق بها كل ذلك» لأن الكيموس الذي يكون منه الداء اللطيف إما دم وإما مرة صفراء فيتسايل (324) في [P66] الجسد بلطفه من موضع إلى موضع فربما غاص (325) بلطفه في القلب أو في عضو آخر من رؤوس أعضاء الجسد مثل الكبد والدماغ فيهلك الإنسان. فلذلك ليس بشيء (326) من تقدمة القول في الأمراض الحادة ثقة لا لموت ولا لحياة ولا لجهاد كما قال أبقراط. وينبغي أن نعرف أن الأمراض الحادة ثلاثة أصناف منها حادة تطول وحادة جدا. وهذا القول في الحادة جدا قبل لأن فيها شدة جهاد الطبيعة لشدة حدة المرض فلا يعرف أتغلب الطبيعة (327) فتأتي بالخلاص أو تغلب فتأتي بالموت. فأما في الأمراض الحادة الواسطة التي يبلغ وقتها أربعة عشر يوما والحادة التي تطول إلى أكثر من ذلك إلى الأربعين يوما فهو ما يتبين لنا (koko)أن كان يتخوف منها موت أو يرجى منها خلاص فهذه العلامات إن كانت قوة المريض (328) صحيحة رجي له الخلاص. وإن كانت قوته ضعيفة توقعنا عليه الموت. فإن قال قائل: وكيف يقول أبقراط في غير هذا الفصل في الأمراض الحادة جدا قولا يتقدم فيه بمعرفة خلاص الموت حيث قال إن «الحميات الحادة إذا كانت ثابتة على علامات توثق بها فهي تتفرج لأربعة أيام وقبل ذلك فإن الحميات الحادة إذا كانت ثابتة على علامات مكروهة فهي تقتل لأربعة أيام أو قبل ذلك»، قلنا: لأن أبقراط قد عرفنا أن الأمراض الحادة [P67] جدا آيات (329) توثق (330) بها B إذا رآها العالم فأخبرنا بخلاص. وذلك إذا رأى في بدء المرض آيات النضج في البول ونفسا جسنا وخفة دائمة فإن لها آيات غيرها إذا رآها غير ثقة تقدم فأخبر بموت وهي ثقل وشدة نفس وعجاجة (؟) من المرض تعرف في البول. فأما إذا كانت حال الأمراض الحادة جدا مختلفة مرة تخف بصاحبها ومرة تثقل ومرة يحسن نفسه ومرة يشتد فليس يثبت لنا في مثل ذلك تقدمة قول بموت ولا بخلاص إذا لم تتبين لنا آيات ثابتة صالحة ولا مكروهة. فمن أجل هذه الأمراض الحادة جدا التي لا يتبين فيها آيات صالحة ولا مكروهة
قال أبقراط إن «تقدمة القول فيها ليس بثقة لا لموت ولا خلاص». فأما إذا رأينا خفة حال وحسن نفس فيمن به مرض حاد جدا دلنا ذلك على أن الثفل الذي هيج المرض قد راغ عن الأعضاء الرئيسية مثل القلب والكبد والدماغ. وإذا رأينا حالا ثقيلة وشدة نفس دلنا ذلك على أن الثفل في الأعضاء ال..ىة (331)، وليس نعلم عند ذلك أيغلب الثفل قوة الطبيعة (332) فيجيء (333) بالموت أو تغلب الطبيعة الثفل فيجيء بالخلاص ونعما.
قال أبقراط «تقدمة القول عند ذلك ليس بثقة» ولم يقل «تقدمة المعرفة» لأن من عرف أمرا تتقدمه (334) معرفته فإبطاء (335) لم يعرف خطاءه عند الجهلة ما لم ينطق بشيء [P68] منه، وإنما تقع اللائمة منه على نفسه. فأما إن تقدم بالقول فنطق في ذلك إلا بشيء فينبغي بجهته لائمة نفسه ولائمة الذين (336) سمعوا تقدمة قول الكاذب.
نامعلوم صفحہ