يخرج من البئر حين تحفر قال الشاعر:
فإنك كالقريحة عام تمهى ... شروب الماء ثم تعود ماجا
والاقتراح أول الشيء وقروح كل شيء أوله. ويؤيد قوله والكثير مع غيرهما مقصر ما أخبرني أبو القاسم علي بن أحمد البندار عن أبي أحمد الفرضي عن الصولي قال حدثنا جبلة بن محمد قال حدثنا أبي قال جاء رجل إلى ابن شبرمة فسأله عن مسألة ففسرها له فقال له لم أفهم فأعاد فقال لم أفهم فقال إن كنت لم تفهم لأنك لم تفهم فستفهم بالإعادة وان كنت لم تفهم لأنك لا تفهم فهذا داء لا دواء له.
وقوله " ونحن نستحب لمن قبل عنا وائتم بكتبنا أن يؤدب نفسه قبل أن يؤدب لسانه ويهذب أخلاقه قبل أن يهذب ألفاظه وبصون مروءته عن دناءة الغيبة وصناعته عن شين الكذب ويجانب قبل مجانبة اللحن وخطل القول شنيع الكلام ورفث المزح " ائتم اقتدي وهو افتعل من الأمام وهو القدوة وقدم القوم أي تقدمهم اخذ الإمام وكذلك قولهم فلان إمام القوم معناه هو المتقدم لهم فيكون الإمام رئيسا كقولك إمام المسلمين والتهذيب التصفية والتنقية ورجل مهذب أي مطهر الأخلاق ويصون مروءته أي يقيها مما يفسدها والصوان الشيء الذي تصون به أو فيه شيئًا أو ثوبا والفرس يصون عدوه جريه إذا ذخر منه ذخيرة لحاجته وقيل للأحنف ما المروءة قال العفة والحرفة وقيل لآخر ذلك فقال أن لاتفعل في سريرتك شيئا تستحي منه في علانيتك وقال عمر ﵁ حسب المرء دينه وأصله عقله ومروءته وخلقه والدناءة الخسة وهي مصدر قولك دنؤ الرجل فهو دنيء إذا كان خسيسا وهو الذي لا يبالي ما قال وما قيل له وقد دنوت من فلان أدنو دنوًا وأنا دان إذا قربت منه ودخل أبو ز يد الأنصاري على أمير الكوفة قبل أن يتعلم النحو فقال ادن يا أبا زيد فقال أنادني
أيها الأمير فضحكوا منه أراد أنا دان فخجل فتعلم النحو فصار رئيسا فأما دنأ يدنأ بالهمز فمعناه سفل في فعله ومجن. والغيبة فعلة من الغيب وهو أن يقال في الرجل من خلفه ما فيه من السوء فإذا استقبل به فتلك المجاهرة فإذا قيل ما ليس فيه فذلك البهت وهي الاسم من اغتاب يغتاب وقال ابن الأعرابي عاب إذا اغتاب وغاب إذا ذكر إنسانًا بخير أو شر والغيبة فعلة منه تكون حسنة وتكون قبيحة وقد غلط فيه قالوا
1 / 69