المقَام: «قَد رضيهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لديننا أفَلا نَرضاهُ لدُنيانا» (١) فإن لم يكن هَذا الأمر منه الصَّلاة والسَّلام صَريحًا في الوَصِية، فأقل مَا يكون جَعله إشارَةً إلى القضِيةِ، مَع أن المعَقول المقرر عِندَ أربَابِ العَقل المُعتبر أن الصحَابة الذينَ فدوا أنفسهم وَأموَالهم في الإيمان بالله وَمحبةِ رَسُول الله ﷺ،لم يكونُوا مُجتمعين (٢) على الضَّلالةِ بتركِ الحَق الوَاضِح لعلي رعَايةً لأبي بكر الصدَّيق ﵁، مَع عُلو نسَبِ عَلي وَكثرةِ قَومه وَقبيلته وشجاعَته وَشوكته، وَقلة قومِ أبي بكر وَأهل حمية.
إجماع المفسرين:
وَأيضًا فقد ورَدَ النصّ القطعِي- وَلو كان مجملا - في [أبي بكر] (٣) رضي الله تعالى عنهُ وَعَن (٤) الصحَابةِ مجملًا (٥) بقَولِهِ: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ [التوبة: ١٠٠] وَأجمعَ المفسُرونَ على أنَّ أبَا بكر [رضي اللهُ تعالى عَنِه] (٦) مِنْ السابقِين الأولينَ، وَكَذا عَلي وَخَديجةَ وَزَيد وَبلال ﵃ أجمَعِين.
_________
(١) هي مشهورة بهذا اللفظ، وأخرجها ابن سعد بلفظ قريب عن علي ﵁ أنه قال: «لما قبض النبي ﷺ، نظرنا في أمرنا فوجدنا النبي ﷺ قد قدم أبا بكر في الصلاة فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله ﷺ لديننا». الطبقات: ٣/ ١٨٣؛ ابن عبد البر، الاستيعاب: ٣/ ٩٧١.
(٢) في (د): (مجمعين).
(٣) غير موجودة في النسختين يقتضيها السياق.
(٤) في (د): (ومن).
(٥) في (د): (كملا).
(٦) سقطت من (د).
1 / 48