شُرُوعٌ
مثل العنقاء حين تنفضُ عنها غبارَ القرون ناهضةً من سُباتٍ طويل؛ يطلع إلينا اليوم علاءُ الدين القَرَشى (ابن النفيس) بموسوعته الشامل فى الصناعة الطبية بعد وفاته بسبعة قرون.
ومثلما تشرع العنقاءُ أجنحتها الأسطورية الرائعة مُحلِّقةً فى الذرى، بعدما بُعثت من رمادها؛ يفرد العلاءُ أجزاءَ موسوعته الأربعين فيطير مرةً ثانية فى سماوات العلوم وتاريخها، بعد قرونٍ من انطمار الكتاب فى النُّسخ الخطية، وبعد تيهٍ طويل وشتاتٍ بين مكتبات الشرق والغرب.
وكأننى الآن بالعلاء القرشى، يبتسمُ فى عليائه ابتسامةً لا تخلو من اعتدادٍ وابتهاجٍ وسخرية! محدِّثًا نفسه: أَلَمْ أَقُلْ للزَّمَانِ: " لَوْ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ تَصَانِيفى تَبْقَى بَعْدِى عَشْرَةَ آلاَفِ سَنَةٍ، مَا وَضَعْتُهَا ". فَلمْ يُصَدِّقْنى أَهْلُ زَمَانِى.. فَأَيْنَ هُمُ الآنَ؟
وكأننى به.. وقد غلبه الوجدُ الذى، حسب قول الصوفية؛ يكون: عِنْدَ ذِكْرُ مُزْعِجٍ أو خَوْفِ مُقْلِقٍ.. أو أَسَفٍ على فَائِتٍ! فإذا بعينيه وقد اكتستا بسحابةِ أسىً، وبحزنٍ شفيف، لما ضَيَّعه الزمانُ من أجزاء موسوعته الأربعين.. ولا يخلو أساهُ وحزنُهُ، من أملٍ ورجاء فى ظهورها يومًا منزويةً بين جنبات خزانةٍ خطِّيةٍ عتيقة، غفل عنها الأحفاد. أربعون جزءًا من الشامل ضاعت، وأربعون تخرج اليوم محقَّقةً على يد واحدٍ من أحفادك أيها العلاء.. ليس واحدًا، بل هُم نفرٌ من أحفادك وجدوك قطعةً من ذاتٍ مندثرة، حُقَّ لها أن تُبعث ووجودوك ورقةً من كتاب الوعى الغائب، حُقَّ لها أن تُنشر وتُذاع. فها نحن ننشر الأربعين من الشامل ونصبو لخروج الأربعين الأخرى فلا يبقى الشاملُ ناقصًا. يرد العلاءُ: الشَّامِلُ لَنْ يَكُونَ نَاقِصًا أَبدًا! فقد تحسبتُ لأفعال الزمان، فجعلتُ كُلَّ جزءٍ من الشامل منفصلًا عن بقية الأجزاء، قائمًا بموضوعه ومُتَّصلًا - فى آنٍ - ببقية الأجزاء، مكمِّلًا لها حتى إذا ظهر جزءٌ واحد، دَلَّ ظهوُره على بقية
الأجزاء، وحدا بكم - من بعدى - إلى التنقيب عنها، والسعى وراء الاكتمال. ويضيف العلاءُ من عليائه: لنمض، إذن، قُدُمًا فى نشر ما تحت أيدينا من الأجزاء الموجودة، ولْنأمل فى العثور على المفقودة ولْنجعل غايتنا فى ذلك: " نُصْرَةَ الحقِّ وإِعْلاءَ مَنَارِه، وخِذْلاَنَ البَاطِلِ وطَمْسَ آثَارِه " كما قلتُ فى ديباجة شرحى على فصول أبقراط ثم أردفتُ: " وَهْوَ أمرٌ التَزَمْنَاهُ فى كُلِّ فَنٍّ ".. فليكن التزام الأحفاد، كالتزام الأجداد من قبلهم ولا يروعكم تعاقبُ الأجيال، ولا يقعد بكم أنكم فى زمنٍ عربىٍّ ردئ، فهذه أمةٌ لن تخلو - أبدًا - من قائمٍ بالحجة، وحاملٍ للمشعل.. وقد دَلَّ النظر العقلى، واستقراءُ أحوال الأزمنة، على أنه: إِذَا تَسَاوَتْ العُقُولُ والهِمَمُ، فَمُتَأَخِّرُ كُلِّ صِنَاعِةٍ، خَيْرٌ مِنْ مُتَقَدِّمِها. .. وتُثير كلماتُ العلاء كوامن النفس، وتهزُّ القلب والعقل.. بل الكيان كله، فيأخذنى الدَّهَشُ لحظةً، فلا أفيقُ إلا والعلاءُ يغيب عن تلك الحضرة البرزخية، وهو يقول بنبرةٍ هادئةٍ، تفيض رجاءً وتحنانًا:
أوصيك، أوصيكم جميعًا، بأن تقرأوا كتابيا.. لترون كيف كان عقلكم العربى يفكر.. ولاتحذونى حَذْوَ التكرار، فهذا مستحيلٌ لن يكون.. وإنما انظروا كيف كانت كتابة الأوَّلين.. ثم اكتبوا من بعدها كتابةً أبهى.. ولتعرِّفوا الدنيا بما كتبناه.. ولتضعوا الشامل أمام أعين العالمين.. من الدارسين لتاريخ العلوم.. والمهْتَمِّين بالتراث العربى / الإسلامى.. والنَّاعين على العقل العربى والثقافة الإسلامية، أولئك الذين صاروا فى يومكم هذا: ناعقين بكل وادٍ.
وكأننى به.. وقد غلبه الوجدُ الذى، حسب قول الصوفية؛ يكون: عِنْدَ ذِكْرُ مُزْعِجٍ أو خَوْفِ مُقْلِقٍ.. أو أَسَفٍ على فَائِتٍ! فإذا بعينيه وقد اكتستا بسحابةِ أسىً، وبحزنٍ شفيف، لما ضَيَّعه الزمانُ من أجزاء موسوعته الأربعين.. ولا يخلو أساهُ وحزنُهُ، من أملٍ ورجاء فى ظهورها يومًا منزويةً بين جنبات خزانةٍ خطِّيةٍ عتيقة، غفل عنها الأحفاد. أربعون جزءًا من الشامل ضاعت، وأربعون تخرج اليوم محقَّقةً على يد واحدٍ من أحفادك أيها العلاء.. ليس واحدًا، بل هُم نفرٌ من أحفادك وجدوك قطعةً من ذاتٍ مندثرة، حُقَّ لها أن تُبعث ووجودوك ورقةً من كتاب الوعى الغائب، حُقَّ لها أن تُنشر وتُذاع. فها نحن ننشر الأربعين من الشامل ونصبو لخروج الأربعين الأخرى فلا يبقى الشاملُ ناقصًا. يرد العلاءُ: الشَّامِلُ لَنْ يَكُونَ نَاقِصًا أَبدًا! فقد تحسبتُ لأفعال الزمان، فجعلتُ كُلَّ جزءٍ من الشامل منفصلًا عن بقية الأجزاء، قائمًا بموضوعه ومُتَّصلًا - فى آنٍ - ببقية الأجزاء، مكمِّلًا لها حتى إذا ظهر جزءٌ واحد، دَلَّ ظهوُره على بقية
الأجزاء، وحدا بكم - من بعدى - إلى التنقيب عنها، والسعى وراء الاكتمال. ويضيف العلاءُ من عليائه: لنمض، إذن، قُدُمًا فى نشر ما تحت أيدينا من الأجزاء الموجودة، ولْنأمل فى العثور على المفقودة ولْنجعل غايتنا فى ذلك: " نُصْرَةَ الحقِّ وإِعْلاءَ مَنَارِه، وخِذْلاَنَ البَاطِلِ وطَمْسَ آثَارِه " كما قلتُ فى ديباجة شرحى على فصول أبقراط ثم أردفتُ: " وَهْوَ أمرٌ التَزَمْنَاهُ فى كُلِّ فَنٍّ ".. فليكن التزام الأحفاد، كالتزام الأجداد من قبلهم ولا يروعكم تعاقبُ الأجيال، ولا يقعد بكم أنكم فى زمنٍ عربىٍّ ردئ، فهذه أمةٌ لن تخلو - أبدًا - من قائمٍ بالحجة، وحاملٍ للمشعل.. وقد دَلَّ النظر العقلى، واستقراءُ أحوال الأزمنة، على أنه: إِذَا تَسَاوَتْ العُقُولُ والهِمَمُ، فَمُتَأَخِّرُ كُلِّ صِنَاعِةٍ، خَيْرٌ مِنْ مُتَقَدِّمِها. .. وتُثير كلماتُ العلاء كوامن النفس، وتهزُّ القلب والعقل.. بل الكيان كله، فيأخذنى الدَّهَشُ لحظةً، فلا أفيقُ إلا والعلاءُ يغيب عن تلك الحضرة البرزخية، وهو يقول بنبرةٍ هادئةٍ، تفيض رجاءً وتحنانًا:
أوصيك، أوصيكم جميعًا، بأن تقرأوا كتابيا.. لترون كيف كان عقلكم العربى يفكر.. ولاتحذونى حَذْوَ التكرار، فهذا مستحيلٌ لن يكون.. وإنما انظروا كيف كانت كتابة الأوَّلين.. ثم اكتبوا من بعدها كتابةً أبهى.. ولتعرِّفوا الدنيا بما كتبناه.. ولتضعوا الشامل أمام أعين العالمين.. من الدارسين لتاريخ العلوم.. والمهْتَمِّين بالتراث العربى / الإسلامى.. والنَّاعين على العقل العربى والثقافة الإسلامية، أولئك الذين صاروا فى يومكم هذا: ناعقين بكل وادٍ.
نامعلوم صفحہ
الشَّامِلُ فى الصِّنَاعَةِ الطِّبِّيَّةِ
دِرَاسَةٌ مُمَهِّدِة
1 / 1
تأتى هذه الدراسة الممهِّدة لتحقيق موسوعة الشامل فى الصناعة الطبية بعد شهرين من صدور كتابنا: علاء الدين (ابن النفيس) القرشى، إعادة اكتشاف. وهو الكتاب الذى اعتبرناه فاتحةً واختتامًا، فهو ختامٌ لسنوات طوال قضيتها فى دَرْس العلاء، ساعيًا لاستكشاف صورة هذا الرجل / العلاَّمة، والتجوال فى مفاوز إبداعاته العلمية، دون النزوع الإختزالى الذى يلخِّصه - ويبتسره - فى عبارة: مكتشف الدورة الدموية الصغرى.. واعتبرتُ الكتاب فاتحةً لتحقيق موسوعة الشامل التى تعد، بعد اكتمال صدورها خلال عامين: أضخم كتاب فى التراث العلمى العربى، تخرجه مطابعنا منذ بدء عصر الطباعة.
ومع ذلك، فلابد لنا هنا، قبل الخوض فى بحار الشامل.. من إلقاء بعض الضوء على هذه الموسوعة، ومؤلِّفها، ومخطوطاتها، وما يتعلَّق بها من التباسٍ فى أذهان الدراسين، وما اتَّبعناه من منهجٍ للتحقيق؛ وغير ذلك من التمهيدات الضرورية.. فنقول، وعلى الله قصد السبيل:
الكِتَابُ ومُؤَلِّفُهُ
الشامل بلا منازع، هو أكبر موسوعة علمية فى التاريخ الإنسانى، يكتبها شخصٌ واحد. فالكتابةُ العلمية اتَّجهت منذ بداياتها الأولى، إلى شكل الرسائل القصار، والفوائد الموجزة؛ وهو ما ظهر مع فجر التاريخ العلمى فى نصوصٍ أوَّلية كما هو الحال فى البرديات المصرية القديمة، التى بقيت منها إلى يومنا هذا بضعة برديات، تُعرف بأسماء مكتشفيها أو أماكن حفظها، مثل: بردية هيرست
1 / 2
بردية كاهون بردية برلين.. إلخ، وكلها عبارة عن معلومات طبية مجتزأة ووصْفاتٍ علاجية متتالية، ومعارف من علم التشريح.
وفى الأزمنة الغابرة، كتبت الفرسُ والهندُ والصينُ كتابةً علمية، موجزة عرفناها لما قام بنقلها من أصولها إلى اللغة العربية جماعةٌ من المترجمين، فنقل من الهندية إلى العربية: منكه الهندى، ابن دهن الهندى. ونَقَلَ من الفارسية: ابنُ المقفع، آل نوبخت، البلاذرى. ونَقَلَ من النبطية إلى العربية: ابنُ وحشية النبطى (١) .. فعرف العالم العربىُّ الإسلامى، ومن بعده بقيةُ الدنيا، من كتب الحضارات القديمة، أعمالًا مثل كتاب السموم لشاناق الهندى، وكتاب الفلاحة النبطية لابن وحشية، والأزياج الفلكية الهندية والفارسية.. وغير ذلك كثيرٌ من النصوص العلمية.
ولما تسلَّمت اليونان مشعل الحضارة الإنسانية من مصر القديمة وبلاد الشرق كتب علماءُ اليونان وأطباؤهم نصوصًا على شكل الرسائل، تم جمعها فى عصورٍ لاحقة، فى كتبٍ مثل أصول الهندسة لأُقليدس، الذى كان فى الأصل مجموعة مقالات كتبها أُبولونيوس ثم حرَّرها أُقليدس وأضاف إليها مقالات أخرى، فجُمعت كلها بالإسكندرية القديمة، وتُرجمت فى بغداد، وصارت كتابًا واحدًا.. ومثل كتاب المجسطى لبطليموس، الذى كان فى أصله ثلاث عشر مقالة جُمعت معًا ونُقلت إلى العربية بعناية يحيى بن خالد البرمكى. وكذلك الأمر فى كتب أرسطو قبل أُقليدس وبطليموس، فقد وضع هذا المعلم
_________
(١) راجع تفاصيل هذه الحركة العلمية، وجهود المترجمين، في: النديم: الفهرست تحقيق رضا المانذراتي (دار المسيرة، بيروت ١٩٨٨) ص ٣٠٤ وما بعدها. يوسف زيدان: المتواليات بحوث ف يالمتصل التراثي المعاصر (الدار المصرية اللبنانية، القاهرة ١٩٩٨) الفصل الخامس.
1 / 3
الأول علومه على شكل رسائل وكُتبٍ صغار، جُمعت بعد ذلك على صعيدٍ واحد، فصار لدينا - مثلًا - كتاب المنطق الذى هو مجموعةٌ من الرسائل والكتب القصار: قاطيغورياس بارى أرمنياس، أنالوطيقا.. إلخ، ثم وضع لها فرفوريوس الصورى مدخلًا اشتهر بعنوان: إيساغوجى أو المدخل إلى المنطق.
وفى التراث الطبى، اشتهر من أهل اليونان اثنان من الأطباء المؤلِّفين: أبقراط، جالينوس. وكلاهما كتب بإيجازٍ فى مجالات الطب على اختلافها، ثم جُمع المختلف، فأتلف فى المجموعة الأبقراطية (الاثنى عشر كتابًا) .. وفى (الستة عشر كتابًا) لجالينوس، التى جمعها الإسكندرانيون من رسائله، فصارت تُعرف بعنوان: منتخبات الإسكندرانيين لجالينوس. وكلاهما، أعنى أبقراط وجالينوس سوف يُعرف فى حضارتنا من خلال تلك المؤلَّفات، ويُشهد له بالفضل، فلا يُذكر اسمه إلا مسبوقًا بلقب: الفاضل.
وفى حضارتنا، نحن، سوف تكون أول كتابات علمية موسَّعة، وأول موسوعات علمية فى التاريخ الإنسانى.. ربما لأنها حضارة حفظٍ وتدوين، وربما لأن المعارف كانت قد اتسعت، وربما لأن المسلمين تَشكَّل وعْيُهم من خلال الكتاب أعنى القرآن الكريم.. ومن خلال الحديث الشريف الذى دعا إلى التدوين كما فى قوله r: دوِّنوا العلم بالكتاب.
ودوَّن العربُ المسلمون - أول الأمر - الرسائل الطبية والكنانيش (١)، ثم عكفوا على كتابة المطوَّلات، فزها تراثنا، وازدان، بموسوعاتٍ طبية مثل: الحاوى.. القانون.. الشامل. ولنتكلم عليها تفصيلًا، لنتعرَّف إلى مكانة الشامل وموضعه من تاريخ الطب العربى / الإسلامى، بل الطبِّ الإنسانى بعامة.
_________
(١) الكُنَّاش: كتابٌ يجمع فيه صاحبه جملةً من المعلومات العامة، والمعالجات، والوصايا الطبية والحالات المرضية، ومثل ذلك.
1 / 4
أما الحاوى فهو كتابٌ، كما جاء فى ديباجته: ألَّفه أبو بكر محمد بن زكريا الرازى المتطبِّب، فى طِبِّ جميع الأمراض الكائنة فى بدن الإنسان ومعالجتها، وسمَّاه الحاوى لأنه يحتوى على جميع الكتب وأقاويل القدماء الفضلاء من أهل هذه الصناعة، وقد بدأ بذكر ذلك من رأس الإنسان، وما ينزله من الأمراض (١) .
ولم يكن الحاوى هو الكتاب الوحيد الذى ألَّفه أبو بكر الرازى (المتوفى ٣١٣ هجرية) فقد وضع الرجل من الكتب كثيرًا، مثل: المنصورى، منافع الأغذية، كتاب الجدرى والحصبة.. وغيرها من المؤلَّفات التى بلغت ١٤١ كتابًا ورسالة بحسب إحصاء الفهرست (٢) وزادت فى عيون الأنباء (٣) لتصل إلى ٢٣٢ مؤلَّفًا.
غير أن الحاوى ظلَّ دائمًا: أهم أعمال الرازى الطبية.. وقد نُشر الكتابُ فى أربعة وعشرين مجلدًا، بتحقيق لابأس به، قام به جماعةٌ من فضلاء الهند المعاصرين، بإشراف الدكتور عبد المعيد خان. ولاشك فى أن تحقيق الحاوى ونشره،لم يكن بالعمل الهيِّن، فالكتابُ عبارة عن قصاصات من الورق، توفى الرازى ولم يفسح له الأجل أن يحرِّرها (٤) . فجمعها تلاميذه بعد موته جمعًا غير
_________
(١) الرازي: الحجاوي (دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن، الهند ١٩٥٥) المجلد الأول الصفحة الثانية من النص المحقق.
(٢) النديم: الفهرست، ص ٣٥٧ وما بعدها. والقائمة التي أوردها النديم، نقلها من فهرست الرازي - نفسه - لأعماله، ولا شك أن هذه الأعمال زادت بعد فهرسة مؤلِّلها، فوصلت إِلى العدد الذي ذكره ابن أبي أصيبعة.
(٣) ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء، تحقيق د. نزار رضا (دار مكتبة الحياة بيروت) ص ٤١٤ وما بعدها.
(٤) المرجع السابق، ٤٢١.
1 / 5
محكم، وغير منطقى (١) .
وأما القانون فى الطب للشيخ الرئيس أبى على ابن سينا المتوفى ٤٢٨ هجرية، فهو أول موسوعة طبية كاملة، بالمعنى العلمى الدقيق للكلمة. بدأها مؤلِّفها بقوله، بعد الحمدلة: التمس منى بعضُ خُلَّص إخوانى، ومَنْ يلزمنى إسعافه بما يسمح به وَسَعى، أن أصنِّف فى الطب كتابًا مشتملًا على قوانينه الكلية والجزئية، اشتمالًا يجمع إلى الشرح الاختصارَ، وإلى إيفاء الأكثر حقه من البيان الإيجازَ، فأسعفته بذلك، ورأيتُ أن أتكلَّم أولًا فى الأمور العامة الكلية فى كلا قسمى الطب، أعنى القسم النظرى والقسم العملى، ثم أتكلَّمُ فى كليات أحكام قوى الأدوية.. فإنى أجمع هذا الكتاب، وأقسِّمه إلى كتبٍ خمسة؛ الكتاب الأول: فى الأمور الكلية فى علم الطِّبِّ. الكتاب الثانى: فى الأدوية المفردة. الكتاب الثالث: فى الأمراض الجزئية الواقعة بأعضاء الإنسان عضوٍ عضو، من الفَرْقِ إلى القَدَم، ظاهرها وباطنها. الكتاب الرابع: فى الأمراض التى إذا وقعت، لم تختص بعضو، وفى الزينة. الكتاب الخامس: فى تركيب الأدوية، وهو الأقراباذين (٢) .
وطُبع القانون فى مصر بدون تحقيق، وتوالى تصوير، وتزوير، هذه الطبعة غير المحقَّقة - وإن كانت جيدة - ولم يفكر محقِّقٌ واحد فى إخراجه ونشره محقَّقًا حتى الآن! والمحقِّقون معذورون فى إحجامهم عن تحقيق كتاب مثل القانون فهو علاوة على ضخامته، جامعٌ لشتات المعارف الطبية فى عصره، مما يجعل ملاحقة نصوصه بالضبط والتحرير، عملًا شاقًا فى الجهد، قليلًا فى المجد.. خاصةً فى
_________
(١) د. محمد عبد الرحمن مرحبا: الجامع في تاريخ العلوم عند العرب (منشورات عويدات، بيروت ١٩٨٨) ص ٢٥٥.
(٢) ابن سينا: القانون في الطب ١ / ٢، ٣.
1 / 6
wm Hov زمننا هذا الذى يشهد تراجعًا عن إنجاز المشروعات الكبرى؛ وتلك قصةٌ أخرى،لها تفصيلٌ يطول، وليس هذا موضعه.ضعه.
وأما الشامل فى الصناعة الطبية فهو ثالث الموسوعات الكبرى فى تاريخ الطب العربى / الإسلامى، بل الطِّبِّ الإنسانى بعامة. تحدَّى بها العلاء القرشى (ابن النفيس) قِصَر الزمان الإنسانى، ومحدودية القدرة الإنسانية! وقد كان العلاءُ امتدادًا للتقاليد الطبية التى أرساها مِن قبله أعلامٌ من نوع الرازى وابن سينا وكانت صلته بالأخير أقوى، وشروحه على مؤلَّفاته أكثر (١) . غير أنَّ إقدامه على تأليف موسوعةٍ بحجم الشامل لا يفسِّره - فقط - كونه امتدادًا لهؤلاء الأطباء العظام، وإنما لابد من النظر فى السياق التاريخى الذى انتمى إليه العلاء ولابد من تفحُّص اللحظة التاريخية التى عاشها. وفى هذا الإطار نقول:
لما اهتزَّ كرسى الخلافة العباسية تحت وطأة الشيخوخة العباسية، ومؤامرات القصور، وتهديدات المغول.. بدأت المجالسُ العلمية تنسرب من بغداد إلى الشام ومصر. كان ذلك منذ مطلع القرن السابع الهجرى، الذى وُلد العلاءُ فى السنة السابعة منه - بقرية القَرَشِ القريبة من دمشق - ولما كان العام المشئوم فى منتصف هذا القرن، أعنى سنة ٦٥٦ هجرية.. دخل هولاكو بغداد، فطمس وجهها على نحوٍ،لم يسمح لها باستعادة دورها من بعد ذلك: أبدًا.
وازدهر العلمُ فى الشام ومصر، غير أن الشام ابتُليت آنذاك بالوقوع بين شِقَّى الرحى: المغول.. والصليبيين. ولم يكن الحالُ فى مغرب العالم الإسلامى
_________
(١) يقول ابن فضل الله العمري، إن العلاء (ابن النفيس) شرح القانون في عشرين مجلدًا، وكان يحفظ كليات القانون، وأنه: هو الذي جسَّر الناس على هذا الكتاب.. (ابن فضل العمري: مسالك الأبصار مخطوطة دار الكتب المصرية رقم ٩٩/ م تاريخ - مخطوطة أحمد الثالث رقم ٢٧٩٧/ج) وقد نشرنا هذا النَّصّ - محقَّقًا - في كتابنا: علاء الدين.. ص ٣٨ وما بعدها.
1 / 7
بأفضل منه فى الشام، فقد آذنت شمسُ الأندلس بالمغيب، وتهدَّدت بلاد المغرب ووَهَنَ منها عَظْمُ المجد والسلطان، فصارت نهبًا لأطماع - وحملات - الإسبان وأحقادهم التاريخية، مما دفع ببلاد المغرب إلى ناحية الانزواء الحضارى.
وفى العقود الأخيرة من القرن السابع الهجرى، وجدت القاهرة نفسها وحيدةً، وسط عالمٍ يرتجُّ؛ فالمشرقُ الإسلامى - بلاد فارس وما بعدها - لايزال يترنَّح من عنف الضربات المغولية، التى توالت طيلة خمسين سنة، ابتدأت بخروج جنكيز خان للثأر من محمد خوارزمشاه، وانتهت بتأسيس الدولة الإسلامية المغولية على يد بركة خان حفيد جنكيز خان، زعيم القبيلة الذهبية، بعد انكسار ابن عمه هولاكو على يديه.. والمغربُ الإسلامى كان قد انزوى، وصار منطقة طردٍ حضارىٍّ واجتماعى، وفزع منه الناسُ إلى مصر والشام، مثلما التجأ العلماءُ والصوفية؛ أمثال: ابن عربى، التلمسانى، الششترى، الشاذلى، المرسى. ومِن قبلهم: موسى بن ميمون الطبيب الفيلسوف، ابن البيطار العَشَّاب المعروف وغيرهما. جاء هؤلاء من المغرب إلى مصر، من الشام جاءها - فى حدود سنة ثلاثين وستمائة - علاءُ الدين القرشى.
وكان على مصر وهى الحاضرة الإسلامية الوحيدة التى ظلت مزدهرة، أن تقوم بدور كبير لإنقاذ الكيان الحضارى العربى / الإسلامى، فتعيَّن عليها عسكريًا صَدَّ فلول المغول وجحافل الصليبيين. كما تعيَّن عليها سياسيًا إحياء الخلافة الإسلامية، ولو كان إحياءً رمزيًا. كما تعيَّن عليها اجتماعيًا واقتصاديًا أن تستوعب الهجرات الوافدة عليها من المغرب، ومن العراق والشام.
وأدَّت مصرُ ما عليها فى ذلك كله، حتى دخل القرن الثامن الهجرى، وقد استتبَّ الحال فى مصر، وصارت القاهرة - آنذاك - أهم مركز حضارى فى العالم الإسلامى، وأكثر العواصم العربية أمنًا وازدهارًا.. حتى أن ابن خلدون، كتب
1 / 8
- فى أواخر القرن الثامن الهجرى - قائلًا إن مَنْ أراد أن يرى عِزَّ الإسلام فلْيذهب إلى القاهرة.
وكانت ذاكرةُ الأمة قد هدَّدها الاندثار، فقد ضاعت ألوف المخطوطات التى هى كتاب الحضارة ودُمِّرت المكتباتُ فى المشرق والمغرب. وكان المغولُ والصليبيون يحرصون على طمس التراث العربى / الإسلامى، بالتخريب وإفناء المخطوطات.. وقد اشتهرت فى التاريخ، واقعةُ إفراغ هولاكو لمخطوطات بغداد فى نهر دجلة، لغسل مادوَّنته الأمة، ومحو ما خلَّفته القرون.
من هنا، كان على مصر أن تقوم بدورٍ هائل لحفظ ذاكرة الأمة، وإنقاذ هويتها من الانطماس. فبدأ علماءُ مصر، من بعد سقوط بغداد، فى تدوين المطوَّلات والكتب الضخمة والموسوعات - فى شتى مجالات العلم - مع أنَّ الملاحظ فى كتابات المصريين طيلة القرون السابقة على القرن السابع الهجرى أنها كانت تأتى دومًا، على هيئة كتب صغار، ورسائل، ومساجلات علمية. لكن الحال تغيَّر مع جهود علماء من أمثال علاء الدين القرشى (ابن النفيس) الذى وضع ما يقرب من عشرة شروح على موسوعة ابن سينا (القانون فى الطب) بغية إعادة بعثها مرةً أخرى إلى أذهان المشتغلين بالطب، ومن هنا قال ابن فضل الله العمرى، إن العلاء: هو الذى جَسَّر الناس على قانون ابن سينا.
ومن بعد بعثه للقانون، يعكف العلاء (ابن النفيس) على تدوين موسوعة الشامل فى الصناعة الطبية فيضع المسودات بحيث تأتى فى ثلاثمائة مجلد، بيَّض منها ثمانين ثم وافته المنية - عن ثمانين سنة - سنة ٦٨٧ هجرية بالقاهرة، وأهدى المجلدات الثمانين، بل كل مكتبته وداره وأمواله، إلى البيمارستان المنصورى بالقاهرة - مستشفى قلاوون حاليًا - الذى كان مشرفًا عليه، باعتباره أكبر
1 / 9
مستشفيات القاهرة آنذاك، ومحل عمل رئيس أطباء مصر وهو المنصب الذى شغله العلاء (ابن النفيس) حتى وفاته فى السنة المذكورة.
وقريبٌ من هذا (النمط) من الكتابة الموسوعية الحافظة للذاكرة، وفى مجالٍ آخر غير الطب؛ سوف يضع ابن فضل الله العمرى - المتوفى ٧٤٩ هجرية - موسوعته التاريخية (مسالك الأبصار) فيؤرِّخ لكل شئ: الملوك، العلماء، الوقائع ويتحدَّث عن كل شئ: الأقاليم، النبات، الحيوان.. إلخ. وقد كان ابن فضل الله - مثل العلاء القرشى - من أصلٍ شامىٍّ، ثم توطَّن فى مصر وارتبط بها بقية عمره، حتى أن الناصر محمد بن قلاوون لما أراد أن يعاقبه، نفاه إلى الشام.. ولما رضى عنه، بعد حين؛ أعاده إلى القاهرة!
وفى القرن الثامن الهجرى، فى القاهرة؛ سوف يكتب شهاب الدين النويرى المتوفى ٧٣٢ هجرية، موسوعته الأدبية الهائلة: نهاية الأَرَب فى فنون الأدب. فيقع كتابه فى ثلاثين مجلدًا تشتمل على خمسة فنون، الأول: فى السماء والآثار العلوية والأرض والمعالم السفلية. الثانى: فى الإنسان وما يتعلَّق به. الثالث: فى الحيوان الصامت. الرابع: فى النبات. الخامس: فى التاريخ.. وقد لخص النويرى فى كتابه، كتبًا متونًا من التراث السابق عليه، منها: إحياء علوم الدين، اللمعة النورانية، الملل والنِّحَل، فقه اللغة، نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق، القصيدة العبدونية (قصيدة ابن عبدون فى التاريخ) وشَرْحها لابن بدرون، مباهج العبر.. بالإضافة إلى ديوان الحماسة لأبى تمام ودواوين الشعراء: المتنبى، البحترى، البستى؛ وغيرهم.. وكأنه بذلك، يبعث هذه المتون للحياة مرةً أخرى، مثلما بعث العلاءُ قانون ابن سينا، وجسَّر الناس عليه.
وفى القرن الثامن نفسه، عَاشَ فى القاهرة، وكَتَبَ، واحدٌ من أغزر
1 / 10
المؤلِّفين فى تاريخ الإسلام: ابن حجر العسقلانى. وكلنا نعرف ضخامة وأهمية، مؤلَّفاته فى التاريخ وعلوم الدين، وقد كانت لأعماله أصداءً واسعة فى أرجاء الأرض. وقد حكى لنا المقريزى أنه حين انتهى ابن حجر من (فتح البارى بشرح صحيح البخارى) عُمل حفلٌ خارج سور القاهرة، أُنفقت فيه على الذبائح وحدها: خمسمائة دينار! ويوم الحفل وصلت وفودٌ من ملوك الأرض تطلب نسخًا من الكتاب.. وهكذا صارت القاهرة هى المركز الثقافى الأول فى المنطقة الإسلامية الممتدَّة الأرجاء، تلبيةً لحاجة حضارية مُلحَّة، شارك بالاستجابة لها علماءٌ من كل فن.. كان منهم العلاء القرشى، الذى اشتهر بين معاصرينا بلقب: ابن النفيس (١) .
وأخيرًا.. فلابد من إشارةٍ إلى عدم توقف هذا الدور المصرى، التدوينى الحافظ للذاكرة؛ عند حدود القرن الثامن الهجرى، فقد تعدَّاه إلى القرن التاسع الهجرى، الذى عاش فيه بمصر مؤلِّفٌ من أغزر المؤلفين مادةً - فى التاريخ الإنسانىكله - أعنى به: جلال الدين السيوطى المتوفى ٩١١ هجرية. ذلك الرجل كتب فى علوم اللغة المزهر وفى علوم الدين جمع الجوامع وفى التاريخ حُسن المحاضرة.. وكلها مجلدات كبار، وله بجانب ذلك مؤلَّفاتٌ صغار الحجم جاءت على شكل رسائل حافظة للملامح الثقافية فى تفصيلاتها، وفى طرافتها فكتب: منهل اللطائف فى الكنافة والقطائف، در الغمامة فى الطيلسان والعمامة، الدوران الفلكى على ابن الكركى.. ولم يتحرَّج، وهو العالم الجليل عن كتابة أعمالٍ عنوانها: الوشاح فى فوائد النكاح، الجواهر الثمينة فى فضائل السمينة، نواضر الأيك فى نوادر ال (..) !
_________
(١) راجع شكوكنا على صحة هذا اللقب، في الفصل الأول من كتابنا: علاء الدين.. إعادة اكتشاف (المجمع الثقافي - أبوظبي ١٩٩٩) .
1 / 11
وهكذا كان السيوطى حلقةً من حلقات المشروع المصرى لحفظ ذاكرة الأمة وتدوين ثقافتها - فى أَجَلِّ الصفات وأدق التفصيلات - وهو ما نجح علماءُ مصر فى تحقيقه، بجهودٍ تأليفية جبارة.. لولاها، لكان تراثنا قد انطمس.
جاء الشاملُ إذن، كحلقة كبرى من حلقات مشروع حضارىٍّ كبير تبنَّته مصر منذ أواسط القرن السابع الهجرى، سعيًا لحفظ ذاكرة الأمة وتدوين علومها.. ومن هنا، كان على العلاء - رئيس الأطباء - أن يصوغ المعرفة الطبية فى عصره، صياغتها الأخيرة، المكتملة، بعد خمسة قرون من تطور الطب العربى / الإسلامى، وعلى نحوٍ لم يتم تجاوزه، ولو بعد قرونٍ من حياة العلاء.
مَخْطُوَطاتُ الشَّامِلِ
بدأتُ قبل عشر سنوات، فى جمع مخطوطات الشامل من مكتبات العالم وكان ظَنِّى المتفاءل، يرجِّح أن تكون أغلب النسخ الخطية من الكتاب محفوظةً بمصر، خاصةً مع ما ذكره ابن فضل الله العمرى من أنه: شاهد المجلدات الثمانين فى البيمارستان المنصورى بالقاهرة. غير أنها لم تكن سوى أُمنية والأمانى كما يقولون: خوادع! إذ لم يكن بمصر غير جزئين فقط من الكتاب كلاهما محفوظ بدار الكتب المصرية، التى ذكر فهرسها البدائى المعمول به حاليًا خمس مخطوطات من الشامل ثم اتضح لى أن ثلاثة منها، مصورات. فكان رصيد دار الكتب المصرية من مخطوطات موسوعتنا، هو الآتى:
١ - مخطوطة رقم ٦٠٥٧/ل، ناقصة من أولها وآخرها، ومنسوبة فى الفهرس لغياث الغيث - وسوف نعود للكلام عنه بعد قليل - وتضم مقدمة الشامل، والكتب الثلاثة الأولى من الفن الأول.
1 / 12
٢ - مخطوطة رقم ٦٨١/طب، بدون تاريخ. وهى تحتوى على الكتاب الثالث والعشرين من الجزء الثانى من الفن الثالث من الشامل وهو كتاب اللام من كتاب الأغذية والأدوية. والمخطوطة أوراقها ١٣٨ ورقة، الورقة صفحتان.
٣ - مخطوطة رقم ٣/٤، طب
٤ - مخطوطة رقم ٤٢٣/طب تيمور.
٥ - مخطوطة رقم ٦٢٠/طب طلعت.
والنسخ الثلاث الأخيرة، ليست سوى مصورات من كتاب اللام الذى احتوت عليه المخطوطة المحفوظة بالدار تحت رقم ٦٨١/ طب.
ومع أننى قمت بفهرسة عدد كبير من المكتبات الخطية فى مصر، حتى بلغ عدد ما فهرسته حوالى ١٨.٠٠٠ مخطوطة، موزَّعة على تسع مكتبات؛ غير أننى لم أجد مخطوطةً واحدة من الشامل، بين هذه الألوف من المخطوطات! وفى غير مصر، وجدتُ من مخطوطات الشامل ما يلى:
١ - نسخة مخطوطة بمتحف الآثار العامة (بغداد) برقم ١٢٧١، تقع فى ١٠٤٥ ورقة (الورقة صفحتان) وتضم هذه المجموعة ما يلى:
* الكتاب السابع من الجزء الثانى من الفن الثالث فى الأدوية والأغذية المفردتين التى تبدأ بحرف الخاء وهو يقع فى ١٠ مقالات وخاتمة.
* الكتاب الثامن فى الأدوية والأغذية التى تبدأ بحرف الدال يقع فى ٦ مقالات وخاتمة.
* الكتاب التاسع فى الأدوية والأغذية التى تبدأ بحرف الذال يقع فى ٣ مقالات.
1 / 13
* الكتاب العاشر فى الأدوية والأغذية التى تبدأ بحرف الراء يقع فى ١٠ مقالات وخاتمة.
* الكتاب الحادى عشر فى الأدوية والأغذية التى تبدأ بحرف الزاى يقع فى ١٩ مقالة وخاتمة.
* الكتاب الثانى عشر فى الأدوية والأغذية التى تبدأ بحرف السين يقع فى ١٣ مقالة وخاتمة (ناقص من أوله) .
* الكتاب الحادى والعشرون فى الأدوية والأغذية التى تبدأ بحرف القاف يقع فى ٢٥ مقالة.
* الكتاب الثانى والعشرون فى الأدوية والأغذية التى تبدأ بحرف الكاف يقع فى ٣٠ مقالة.
وفى نهاية الكتاب الأخير، كتب ناسخ المخطوطة عمر بن أبى بكر البدراوى الشافعى ما نصُّه: وكان الفراغ منه يوم الإثنين السابع من شهر رجب سنة ثمان وستين وتسعمائة.. ثم تتوالى بعد ذلك بقية الكتبُ التالية:
* الكتاب الثالث والعشرون: حرف اللام يقع فى ١١ مقالة.
* الكتاب الرابع والعشرون: حرف الميم يقع فى ٢٢ مقالة.
* الكتاب الخامس والعشرون: حرف النون يقع فى ١١ مقالة.
* الكتاب السادس والعشرون: حرف الهاء يقع فى ٣ مقالات.
* الكتاب السابع والعشرون: حرف الواو يقع فى ٥ مقالات.
* الكتاب الثامن والعشرون: حرف الياء يقع فى مقالتين وخاتمة
1 / 14
وبانتهاء كتاب الياء ينتهى: الجزءُ الثانى من الفن الثالث من كتاب الشامل فى الصناعة الطبية
٢ - نسخة مخطوطة بمكتبة ليدن (هولندا) برقم Mcccxv III God ٨١ Col وتضم كتب الأدوية المفردة من الضاد إلى العين على المنوال الذى ذكرناه فى مخطوطة بغداد السابقة.
٣ - نسخة مخطوطة بمكتبة الظاهرية بدمشق، حاليًا: مكتبة الأسد محفوظة تحت رقم ٨٥٤٧. تقع فى ٣١٩ من القطع الكبير، وهى مشكولة بالكامل، وتضم الكتب: من الهمزة إلى الزاى على المنوال السابق ذكره. أى أنها جزءٌ من الجزء الثانى من الفن الثالث من كتاب الشامل.
ومع أن هذه المخطوطة ناقصة من أولها بمقدار عدة أوراق، إلا أنها عالية الأهمية نظرًا لدقتها.. وسوف نَصِفُها بعد قليل، عند الكلام عن النسخ التى استخرجنا منها هذا الجزء (الأول) من الشامل.
٤ - مجموعة مخطوطة بمكتبة بودليان بأكسفورد تحت أرقام Pococke ٢٩٠ - ٢٩١ - ٢٩٢ مجموع أوراقها ١٦٥٩ ورقة، مؤرَّخة بسنة ٩٨٣ هجرية. وتضم المجموعة: من الكتاب الأول إلى الكتاب الثامن والعشرين من الجزء الثانى من الفن الثالث من الشامل.. وقد اعتمدنا عليها فى التحقيق، وسوف نصفها بعد قليل.
٥ - مجموعة أخرى بالمكتبة نفسها، محفوظة تحت أرقام Pococke ٢٤٨ - ٣٥٦ - ٥٣٩ وتشتمل على ثلاثة كتب من الجزء الرابع من الفن الأول وهى على الترتيب: كتاب أسباب الوجع كتاب النبض كتاب البول. والمجموعة مؤرَّخة بسنة ٦٨٧ هجرية، وهى سنة وفاة علاء الدين (ابن النفيس) .
1 / 15
٦ - مجموعة مخطوطة بمكتبة لاين Lean الطبية، بجامعة ستانفورد، تحت رقم Z،٢٧٦ مؤرَّخة بسنة ٦٤١ هجرية، جاء فيها أنها كُتبت على المؤلِّف.. بعد فحص المجموعة، تبين أنها تحتوى على ثلاثة مجلدات، كالتالى:
* المجلد الأول يحمل العنوان مقالة فى النبات، المجلد الثانى بعد الأربعين من كتاب الشامل وهذه المخطوطة تبدأ بالمقالة الثانية والعشرين فى أحكام البقلة الحمقاء تليها مقالة فى البلسان مما يعنى أنه الجزء الخاص بالأدوية والأغذية التى تبدأ بحرف الباء وبذلك يكون هذا الجزء هو: الكتاب الثانى من الجزء الثانى من الفن الثالث من كتاب الشامل.. وهو كما بدا من العنوان الذى يحمله، يمثل المجلد ٤٢ من الشامل بحسب هذه النسخة التى كُتبت فى حياة مؤلفها.
* المجلد الثانى يحتوى على الكتاب الثالث من الجزء الثانى من الفن الثالث فى الأدوية والأغذية التى تبدأ بحرف التاء؛ يليه كتاب الثاء ثم كتاب الحاء.
* المجلد الثالث يبدأ بالنمط الأول من الجزء الثانى من الفن الثانى من كتاب الشامل.. ويتناول هذا النمط: الأصول الكلية فى صناعة الطب.
ونظرًا لسوء حالة المجموعة، فهناك العديد من آثار الترميم والإصلاح بها ويُلاحظ أن أحدهم أعاد كتابة الكلمات الباهتة، والتى كادت تختفى بفعل الزمن.
٧ - نسخة مخطوطة بجامعة كامبردج (إنجلترا) برقم ١٥٤٦ Or؟ ١٠؟، تبدأ بالباب التاسع فى علامات البول وهى بدون تاريخ، ويرجِّح فهرس المكتبة أن تكون قد كُتبت فى القرن الثامن الهجرى.. ونرجِّح، نحن، أنها بخط المؤلِّف.
1 / 16
وكانت رحلة جمع هذه المخطوطات رحلةً شاقة، وشائقة! وقد حكيتُ طرفًا منها فى مقالةٍ نشرتها بمناسبة مرور ٧٢٧ سنة على وفاة العلاء (ابن النفيس) منها قولى:
لم أجد فى كافة مكتبات مصر العريقة إلا قطعة من الكتاب تقع فى ١٩٤ ورقة مخطوطة بدار الكتب المصرية. أما مكتبة بودليان بأُكسفورد (إنجلترا) فهى تحتوى على مجموعتين من الكتاب المجموعة الأولى مخطوطة تضم ١٦٥٩ ورقة من الشامل والمجموعة الأخرى تضم عددًا أقل من الأوراق. ولقد أرسلت للمكتبة خطابًا فى منتهى التلطُّف والتزلُّف، أطلب فيه تصوير المجموعتين وإبلاغى بالمصروفات المطلوبة. فطلبوا مبلغًا عظيمًا بالجنيهات الإسترلينية، فعاودت الكتابة لمديرة المكتبة (آن نيكلسون) وقلت لها فى خطابى أن الجنيهات الإسترلينية التى طلبتها تساوى رقما كبيرًا بالجنيهات المصرية، وأن احتياجى لهذه المخطوطات هو لعملٍ علمى وليس لعمل تجارى، وأن هذا التراث فى الحقيقة ملك لنا فى الأصل! ولقد كانت السيدة غاية فى الظرف، فردَّت على خطابى، قائلةً ما ترجمته: بخصوص الفاتورة الأولى، فيمكنك أن تدمرها! ولقد وجدت لك حلًا فنحن نصنع كل بضعة أعوام نسخة ميكروفيلمية احتياطية لجميع المخطوطات التى نحتفظ بها ولسوف أرسل لك هذه النسخة القديمة، ونقوم بعمل غيرها وفى هذه الحالة سيكون المطلوب دفعه، مبلغًا قليلًا.. وبالفعل دفعتُ هذا المبلغ القليل (حوالى ثلاثة آلاف جنيه) وحصلت على هذه الأجزاء المهمة من الشامل.
1 / 17
وفى مكتبة لاين الطبية بجامعة ستانفورد الأمريكية، ثلاثة مجلدات من الكتاب مؤرَّخة بسنة ٦٤١ هجرية، فأرسلت فى طلبها وإعلامى بالمصروفات، فجاء خطابٌ لطيف يشكرنى على اهتمامى بهذا التراث! ويدلنى على بعض البحوث فى هذا الموضوع، ومع الخطاب صورة من مقال نشرته الصحافة الأمريكية فى الثلاثينيات عن هذه المخطوطات الثلاث بالذات عنوانه: كنوز المخطوطات الطبية هنا. وطلبت المكتبة مبلغًا معقولًا بالدولارات، ولم تكن السوق المصرفية المصرية قد افتتحت بعد، ورفضت البنوك تحويل المبلغ (حفاظًا على اقتصاد الوطن) فرحت أتسكع فى ميدان المنشية بالإسكندرية، حتى صادفنى تاجرُ عملة، حصلت منه على المبلغ المطلوب، وأرسلته نقدًا فى خطابٍ مسجل، وأنا أرتجف، فوصل المبلغ ووصلنى طردٌ صغير به صورة ميكروفيلمية من المخطوطات، فى نفس الوقت الذى وصلتنى فيه ميكروفيلمات البودليان.. فكانت الواقعة.
أرسلت لى هيئة البريد خطابًا مستعجلا فذهبت أدور على المكاتب وأُواجه تحقيقا إداريًا غبيًا من الموظفين: ما هذه الأشرطة؟ وما هى صلتك بانجلترا وأمريكا؟ وهل حصلت على تصريح خاص من المخابرات؟ وإلى ماذا تهدف من الحصول على هذه الميكروفيلمات؟ .. وظللت أشرح وأشرح، حتى بدأ لى أنهم اقتنعوا. لكنهم طلبوا تصريحًا من جهاز المراقبة على المصنفات الفنية، كى يسلِّموها لى! ثم كان الزمان كريمًا، فوقعت على
1 / 18
موظَّفٍ متفهِّم، اقتنع بأن الأشرطة (الميكروفيلمات) تحتوى على صور كتاب، ولا علاقة لها بالفن ولا الرقابة! لكنه عاد وأفهمنى أن هناك مشكلة فى تحديد الرسوم المطلوبة جمركيًا على تلك البضائع المستوردة. وبعدما أظلمت الدنيا فى وجهى، استطاع الموظَّفُ العبقرىُّ أن يجد حلا للمشكلة، إذ أفرج عن الميكروفيلمات، وسلَّمها لى، باعتبارها (عينات) وبالتالى فلا رسوم جمركية عليها!
وفى مكتبة المتحف العراقى ببغداد توجد مجموعة خطية من الشامل تقع فى ١٠٣٤ ورقة فسعيتُ للحصول على صورة منها كان الأوان أوان حرب الخليج (الأولى) بين العراق وإيران فأردت السفر إلى بغداد - ولم أكن قد خرجت قبل ذلك من مصر - فحذَّرنى بعض الإخوان من رداءة أحوال بغداد، ومن صواريخ إيران بعيدة المدى، ومن احتمال أن يكون المتحف العراقى قد أغلق أبوابه وانتقلت مخطوطاته خشية القصف.. وأسقط فى يدى ثم هدأت الأحوال، وأوصيت صديقًا يعمل فى العراق، بأن يحصل لى على صورة من المخطوطة، ولقد حصل عليها بالفعل وأرسل لى ليبلغنى بذلك، ففرحت ثم حزنت حين صودرت منه فى مطار بغداد!
وفى أحد المؤتمرات تعرَّفت إلى أستاذٍ جامعى من العراق كانت زوجته تعمل فى المتحف العراقى، فوعد بتصوير المخطوطة وإرسالها فى أقرب فرصة، ورجع من مصر إلى العراق. وبعد
1 / 19