Shama'il al-Rasul
شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
ناشر
دار القمة
ایڈیشن نمبر
-
پبلشر کا مقام
الإسكندرية
اصناف
ولا نستبعد رؤية النبي ربه في الدنيا، والله ﷾، قادر على أن يخلق فيه ما يجعله قادرا على تحمّل هذه الرؤية، ولكن نحتاج إلى دليل صحيح صريح، يثبت الرؤية ويقوى على معارضة حديث الباب الصحيح الصريح.
الفائدة الثانية:
رؤية الله ﷿ في الآخرة، ثابتة في الكتاب والسنة، ولا ينكرها إلا مبتدع، أما في الكتاب، ففي قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الأنعام: ١٠٣] فنفي الأعلى يدل على إثبات الأدنى، فالآية بنفيها إدراك الله ﷿، فقد أثبتت الرؤية؛ لأنها دون الإدراك، ولو أن الرؤية محالة في الآخرة، لنفاها الله ﷿، ودخل الإدراك في النفي من باب أولى لأنه أعظم من الرؤية.
ومن أدلة القرآن أيضا قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ [القيامة: ٢٢- ٢٣]، وقوله تعالى موبخا الكافرين: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين: ١٥]، ولو حجب المؤمنون أيضا عن رؤية ربهم، لاشتراك المؤمنون والكافرون في هذا التوبيخ.
ومن أدلة السنة، ما رواه البخاري عن جرير بن عبد الله قال: كنّا عند النّبيّ ﷺ فنظر إلى القمر ليلة- يعني البدر- فقال: «إنّكم سترون ربّكم كما ترون هذا القمر لا تضامّون في رؤيته؛ فإن استطعتم ألاتغلبوا على صلاة قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها فافعلوا ثمّ قرأ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق: ٣٩]» «١» .
الفائدة الثالثة:
تعظيم عائشة ﵂ لحرمات الله؛ لأنها لما سمعت ما تعتقد أنه ينافي تنزيه الرب ﵎، قالت في رواية في الصحيح: (لقد قفّ شعري)، وقالت في الرواية التي معنا (لقد أعظم على الله الفرية)، أي أنها اتهمته بأعظم القبائح وما ذلك إلا لتعظيمها ربّها.
الفائدة الرابعة:
حرص عائشة ﵂، على تعلم العلم والسؤال عما يستشكل عليها، وأنها تسبق الأمة في السؤال، لقولها: (أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله ﷺ، كما أن من فقهها أيضا استدلالها على عدم الرؤية بقول الله تعالى: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى: ٥١]، فرأت أن الآية عامة في كل أحد، فلا يمكن إثبات الرؤية في الدنيا
(١) رواه البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب: فضل صلاة العصر، برقم (٥٥٤) .
1 / 135