احذر يا مولاي أن تمضي فيما اعتزمت، وإني لأرجو أن تقبل مشورتي؛ برا بنفسك وبالدولة وبشجرة الدر! - وما لك أنت ولهذا يا بدر الدين؟ أفذلك من علم الحلال والحرام تريد أن تبصرني به، أم هو قضاء قضيته وما وليتك قضاء مصر لتدخل بين الأزواج وزوجاتهم وتقتحم على سرائر الملوك! - حق المسلم على المسلم يا مولاي أن ينصح له ويشير عليه، وقد رأيتك واقفا على شفير هار
6
فأردت أن أبصرك بما تحت قدميك من أسباب الهلكة؛ وقد علمت ما كان لي من الرأي في دولة الملك الصالح، وقد كان - على علمه ودينه - أوسع بي ذرعا. - وي! وتراني أيضا لا علم لي ولا دين ولا سعة ذرع! - معذرة يا مولاي، فما قصدت إلى هذا؛ ولكني أقول إنني عاصرت أحداث هذه الدولة وتمرست بسياستها منذ بعيد، فما أجدر أن تستمع إلى رأيي؛ وقد رأيتك تخطب إلى صاحبي الموصل وحماة ابنتيهما؛ أما أولهما فإن له بعرش مصر سببا منذ كان بينه وبين الملك الصالح ما كان،
7
وإن بينه وبين المغول أسبابا وقد غلبوا على المشرق كله، ويوشكون أن يدخلوا بغداد لينسابوا منها إلى مصر والشام؛
8
فكيف تصنع إذا كان صهرك بدر الدين لهم حليفا؟ وأما الآخر فأمير من أمراء بني أيوب، لا يزال يرى ويرى له من حوله أنه أحق منك بعرش مصر؛ فكيف تصنع إذا استيقظت الفتنة ونشبت حرب بين مصر والأيوبيين، وفي دارك بنت أمير منهم؟ ثم إنك يا مولاي أب وزوج وقد أشرفت على الستين، وليس من البر بنفسك أن تعرس بفتاتين دون العشرين. وإن لشجرة الدر عليك - إلى ذلك - حقا لا يجمل معه أن تضارها باثنتين وقد وطأت لك السبيل إلى العرش والسيادة؛ فهذا ما أردت أن أقوله لأبرئ ذمتي وأؤدي حق النصيحة.
قال الملك المعز محنقا: ثم ماذا يا شيخ؟ - ثم يكون ما تراه يا مولاي. - فقد رأيت عزلك من قضاء مصر يا بدر الدين، فليس لك منذ اليوم رأي ولا نصيحة!
الفصل السادس والعشرون
أوهام أنثى!
نامعلوم صفحہ