2
صدق الله وكذب المنجم!
فضحك بيبرس وقال: أفلست تريد أن تستنبئه مثلنا أنباء غدك، فلعله أن يبايعك مثلنا ملكا رابعا!
قال آق طاي: حسبه أن يسخر منكم، أما أنا فلست أريد أن أكون ملكا، وليس يعنيني أن أتزوج قبل أن أموت، أو أموت ثم أتزوج!
وأغرق المماليك الأربعة في الضحك، ثم تفرقوا فذهب كل منهم إلى وجه. •••
ومضت أيام قبل أن يتجدد حديث أبي زهرة بين المماليك، ذلك أن أيبك الجاشنكير قد أشرف على الموت، ولم يتزوج ولم يبلغ العرش، وهؤلاء أصحابه قد تحلقوا حول فراشه مشفقين جزعين، وهو يئن ويتلوى، قد احتقن وجهه وتقلص جبينه، وهذا رسول الأمير نجم الدين يسأل عن حاله قلقا مثلهم، مشفقا أن ينال ذلك المملوك المخلص سوء.
وظل أيبك في الفراش أياما، يتوقع أصحابه في كل لحظة أن ينتزعه الموت من بينهم، ثم زايله الخطر ونجا، وزفت البشرى إلى الأمير نجم الدين فسري عنه واستبشر، فما كانت نجاة أيبك إلا نجاة للأمير من شر كان يتربص به؛ فقد كان الأمير جالسا إلى مائدته ذات مساء وقد قدم إليه عشاؤه، وتذوق الجاشنكير الطعام على عادته قبل أن يمد الأمير إليه يدا، فلم يكد يحس مذاقه حتى صاح عجلا: في الطعام سم يا مولاي!
وغثيت نفسه ودار رأسه، فلولا أنه استند إلى الجدار لهوى بين يدي مولاه، ونهض الأمير عن المائدة لم يصب منها شيئا، وحمل أيبك الجاشنكير إلى فراشه والسم يمزق أحشاءه.
وكافأه الأمير على ما ناله، فعقد له على جارية من بنات الإغريق، ذات جمال ودلال وفتنة، كانت من سبايا الأمير غداة عودته من حرب غياث الدين صاحب بلاد الروم، ولكنها تزعم أن لها نسبا ملوكيا في بلاد الأشكري صاحب القسطنطينية،
3
نامعلوم صفحہ