وكان للأستاذ أليجرتو عادة غريبة إلى حد ما مع تلميذاته البنات، فهو يحملهن على خلع أحذيتهن وجواربهن ليقفن حافيات الأقدام على بساطه الأخضر وهن ينشدن، ويقضي الساعة المخصصة للعزف أو لتصحيح مواقع أصابعهن يتفرس في أقدامهن سابحا بأفكاره.
وأخذت إيفي تراقب بلوصوم وهي تستعد للذهاب إلى الدرس ذات يوم، ولاحظت أن الطفلة خلعت حذاءها وجوربها وغسلت قدميها بعناية، وحسبت إيفي أن ذلك أمر محمود، وإن كان غريبا إلى حد ما. - ما بالك تغسلين قدميك الآن؟ - استعدادا لتلقي درس الكمان! - أنت تعزفين بيديك وليس بقدميك؟ - إنني أشعر بالخزي حين أقف أمام المدرس وقدماي قذرتان. - أيستطيع أن يرى من خلال حذائك؟ - لا أظن أنه يستطيع؛ لأنه يحملني دائما على أن أخلع حذائي وجوربي.
وقفزت إيفي لسماع ذلك، وكانت لا تعلم شيئا عن «فرويد»، ولم تشمل معلوماتها القليلة عن الجنس شيئا عن انحرافاته، ولكن ذكاءها الفطري أنبأها بأن الأستاذ أليجرتو ليس خليقا بأخذ خمسين سنتا في الساعة، دون أن يقوم بأداء واجبه، وبهذا انتهت الدروس الموسيقية التي كانت تتلقاها بلوصوم.
وقال بول جونز بعد أن سئل عن الأمر: إن المدرس لم يطلب منه مطلقا أن يخلع شيئا اللهم إلا قبعته، حين كان يذهب إلى الدرس، فسمحت له إيفي بالاستمرار، واستطاع بول جونز بعد خمس سنوات أن يعزف على الكمان بمهارة، تكاد تبلغ مهارة أبيه في العزف على القيثارة؛ أبيه الذي لم يتلق درسا واحدا في حياته.
والعم فليتمان، إذا صرفنا النظر عن موسيقاه، رجل غبي، لا حديث له في البيت إلا عن درامر؛ الجواد الذي يجر عربة اللبن وكيف يعامله، وهناك بين فليتمان والجواد شقاق قديم منذ خمس سنوات، وكانت إيفي تأمل أن ينتهي أحدهما سريعا إلى قرار.
ولقد أحبت إيفي زوجها حقا بالرغم من أنها لا تقوى على مقاومة رغبتها في تقليده، فكانت تقف في مطبخ أسرة نولان وتتظاهر بأنها درامر الجواد، ثم تقلد العم فليتمان تقليدا جيدا، وهو يحاول أن يضع كيس العليق في رقبة الجواد.
ومالت إيفي بجسمها حتى كاد رأسها المترنح يبلغ قدميها قائلة: إن الجواد يقف على حافة الطريق هكذا، ويأتي ويل ومعه كيس العليق وما إن يهم بأن يضعه حتى يرفع الجواد رأسه.
وهنا تقذف إيفي برأسها إلى أعلى وتصهل كالجواد: وينتظر ويل، وينخفض رأس الجواد مرة أخرى، حتى لتظن أنه لن يستطيع أبدا أن يرفعه في الفضاء، ثم يبدو من الجواد ما يشعر بأنه قد خلا من العظام.
وتدلى رأس إيفي على نحو يبعث على الرعب: ويأتي ويل ومعه كيس العليق، فينتصب رأس الجواد.
وسألتها فرانسي: ثم ماذا يحدث؟ - إن ما يحدث هو أنني أهبط إليه وأضع كيس العليق على الجواد. - وهل يسمح الجواد لك بذلك؟
نامعلوم صفحہ