دنیائے اسلام میں خواتین کی مشہور شخصیات
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
اصناف
وقد كانت له ملكة عظيمة ودراية كبيرة في مسائل الفقه والتشريع حتى فاق أمراء زمانه وأصبح بينهم علما يعتد برأيه وفضله.
كان الرشيد ثاقب الفكر بعيد النظر فتوقع ما قد يفعله الأمين من التهوس وسوء القصد بأخيه فأوصى قبل موته بجميع ما في المعسكر للمأمون، وكان الفضل بن الربيع ربيب نعمة الأمين خليفة جعفر بن يحيى على منصب الوزارة بغير جدارة، يعلم مقدار هذا المعسكر، وما دق وجل من شئون رجاله وأحواله.
وعندما انتقل الرشيد إلى جوار ربه، وولى ابنه الأمين شئون الخلافة من بعده، زرع الفضل بذور الفساد والتمرد بين أفراد الجيش ثم روج بينهم الدعوة إلى نكث أيمانهم ومواثيقهم للرشيد بأن يكونوا في إمرة المأمون، حتى مالوا معه وقفل بهم إلى بغداد، ومعهم جميع ما في المعسكر من مال وذخيرة، وعندما وصل وزير الأمين وربيب نعمته إلى عاصمة الخلافة قابله الخليفة بالحفاوة والإكرام وأغرقه بالصلات والهبات، ثم وزع على الجنود الخائنة ضعفي مرتباتهم تلطيفا لخواطرهم.
أما المأمون فقد وجد نفسه بلا جيش ولا مال، فعمل على استمالة قلوب الشعب واكتساب رضا الناس وجمع رؤساء خراسان وأكابرها حوله وبدأ يدبر شئونه بمعونتهم، وخفض الضرائب، وسار في الرعية سيرة العدالة والمروءة، ولم يجابه مع ذلك أخاه بالعدوان أو يقابله بالإساءة، إنما كان في أحواله وأطواره أميرا عادلا يصدر عن روية ويورد عن إنصاف وتدبر.
وبينما كان المأمون في خراسان على هذا النحو من التدبر والتعقل وحسن السيرة، يجمع حوله أمراء أبيه المحنكين وشيوخ الدولة المدربين؛ ليستعين بثاقب أفكارهم وناضج آرائهم، كان الأمين ببغداد منهمكا في اللذات وشرب الخمر، حتى أرسل إلى جميع البلاد في طلب الملهين وضمهم إليه وأجرى عليهم الأرزاق، واحتجب عن إخوته وأهل بيته وقسم الأموال والجواهر في خواصه وفي الخصيان والنساء، وعمل خمس حراقات في دجلة على صورة الأسد وعلى صورة الفيل وعلى صورة العقاب وعلى صورة الحية وعلى صورة الفرس
3
يتنقل من واحدة إلى أخرى، عاكفا على تمضية الوقت بين الغناء والمنادمة، وقد كان لراقصاته صيت ذائع وكن مائة قد انتخبهن من أمصار مختلفة، تجيد الواحدة منهن ضروبا من الرقص وفنونا من الحركات التي تدهش الأبصار، وقد صرف عليهم مبالغ جسيمة؛ إذ كن في أبهى لباس وأثمن حلية يبهرن النواظر وهن يرقصن بأغصان النخل في أيديهن، وكلما اشتد إعجاب الناظرين ازداد غروره وتمادى في غيه والاعتداد بما صنفه من مظاهر العز والترف، في تلك الفترة الرهيبة كان أعداء الإسلام يراقبون الأحوال بعين اليقظة، منتظرين الفرصة السانحة التي تبدو لهم من خلال غفلته وانهماكه في اللذات، وقد انفرجت لهم ثلمة الفرصة في خلال هذه الفترة وبدءوا يرفعون ألوية العصيان ويتحركون بعد السكون والجمود والأمين لاه ساه كأنه في نوم عميق يبدد أموال الدولة في سبيل لذاته وشهواته بدل أن ينظر في شئون حكومته، ويعمل على سد حاجاتها المادية والمعنوية.
أما الفضل بن الربيع وزيره الأمين فقد خاف العواقب، وكان كلما افتكر فيما فعله مع المأمون من نكث عهد الرشيد ووصيته بطوس ارتعدت فرائصه فرقا، وقد وضع نصب عينيه أن ولاية المأمون للخلافة إن عاجلا أو آجلا معناها موته والقضاء عليه؛ لأن المأمون لا يترك له هذه الخيانة دون عقاب صارم، فلم يطق احتمالا لهذه الفكرة التي كانت تقلق خاطره ليل نهار وتنفي النوم من عينه، فحسن للأمين خلع المأمون والبيعة لابنه موسى فلم يوافقه أولا، ورأى الفضل أن آماله كادت تخيب فألح عليه في هذا الرأي وأشرك معه شريك النفاق والرياء علي بن عيسى، فروجا هذه الفكرة وحسناها للأمين وما زالا به حتى مال إلى أقوالهما وشرع في خداع المأمون باستدعائه إلى بغداد، فلم ينخدع وأدرك ما في ذلك من الخطر والبوار إن هو ترك خراسان، فكتب يعتذر وترددت المراسلات والمكاتبات بينهما ونهض الفضل بن سهل بأمر المأمون واستمال له الناس، وضبط له الثغور والأمور، واشتدت العداوة بين الأخوين: الأمين والمأمون، وقطعت الدروب بينهما من بغداد إلى خراسان وفتشت الكتب وصعب الأمر، وقطع الأمين خطبة المأمون ببغداد وقبض على وكلائه، ثم خلعه وولى بدله ابنه موسى وليا للعهد بلقب «الناطق بالحق»، وأحضر كذلك وصية أبيه من مكة المكرمة ومزقها إربا.
على هذا المنوال نما الشر بين الاثنين، وقضي على مشروع الرشيد، ولم يبق من آثاره سوى ما كان له من حسن النية.
لقد حنث الأمين بيمين قطعه على نفسه ونكث عهدا عاهد به أباه، ولم يعبأ بتلك الوصية التي تحرمت بتعليقها على جدران بيت الله الحرام.
نامعلوم صفحہ