دنیائے اسلام میں خواتین کی مشہور شخصیات
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
اصناف
هذا داء استعصى دواؤه على نطس الأطباء وأجلة الحكماء، واحتار في تعليله وتشخيصه جمهور العلماء والأدباء، وكما أن تيمورا الفاتح الكبير لم يتمكن من الاحتفاظ بملكه الشاسع، كذلك الأندلس لم نجد وسيلة إلى تخليد مجدها وعظمتها، وهكذا الحال مع حكومات الرومان واليونان، فما من قائد أو حاكم اشتهر بين قومه بالبطولة والعظمة ترك عادته القومية وتربيته الوطنية وحياته الساذجة الصافية إلى حياة الرفاهة والدعة إلا وقد غلب على أمره ولاقى وبال نفسه، فها هم رجال الحرب والكفاح من أبناء الرومان من الذين جالدوا وناضلوا في المعامع والمعارك حتى تكللت رءوسهم بأكيال النار، ما كاد هؤلاء يتقلبون على فراش النعمة ويتوسدون رياش الراحة، حتى فارقتهم صفات البطولة ومزايا الرجولة التي شرفتهم ورفعتهم على هامات الشعوب، فصار أحدهم بعد تلك الخشونة وممارسة أنواع الصعاب وضروب المشقات، يجرحه النسيم ويدميه لمس الحرير ويتأذى من وريقة الورد إذا وجدت عرضا بين حشايا فراشه الناعم الرقيق.
وهل أتاك حديث الإغريق، وما كان من شأن علماء أثينا الذين خلبوا ألباب العالم بواسع أفهامهم، وعظيم ذكائهم؟ ألم تر كيف كان بهاء مجدهم وانتشار مدينتهم واستفحال كلمتهم في مشارق الأرض ومغاربها؟! ثم انظر إلى مصيرهم بعد تلك العظمة وإلى انطفاء نورهم بعد ذلك الإشراق، سلكوا سبيل الرفاهة والزينة فانفرط عقد نظامهم حتى أصبح موطنهم مزرعة للدسائس والفتن، وفقدوا الانسجام الكامن في حياتهم الشخصية كما تفقد الكرات موازنتها الطبيعية وهووا إلى الحضيض فالدمار.
وقد كانت بغداد، تلك المدينة الإسلامية الزاهية الزاهرة وعاصمة الخلافة وركنها الركين هدفا لهذا القانون، فتمشت مع تياره، ولم تستطع ثباتا أمام سلطانه، وصلت إلى أوج العز ومنتهى الكمال ثم تدهورت إلى مهاوي الانحطاط ومنحدرات السقوط كغيرها من الأمم السالفة والممالك البائدة.
قامت بغداد هذه في العصر الثاني للهجرة تمثالا حيا لمدنية الإسلام وبرهانا ناطقا على أن هذا الدين المبين من أكبر العوامل على الرقي والفلاح، وما كاد ينقضي عام ونصف على تأسيسها حتى انتشر العمران في خراباتها وسرى نور العلم والعرفان في عرصاتها، يخطف الأبصار ببريقه الوضاء، ثم تبدل فقر الأهالي وإملاقهم إلى الغنى والرفاهة وبسطة الرزق وسهولة العيش، وفي ذلك إدلال على إعجاز هذا الدين وتنبيه إلى جلاله وعظمة شأنه، فطوبى للأمم التي تصل مواطن العز ودرجات الإقبال من طريق تنظيم حياتها وفقا لأوامر الدين، وطوبى لأولئك الذين يصلون تلك المرتبة العالية من طريق العمل بالأمر النبوي الجليل: «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد.»
الفصل الثاني
لما صار الملك إلى العباسيين واستقر نصاب الخلافة فيهم بتدبير السفاح، وبمعونة الإيرانيين أتباعه وأشياعه، نقل عاصمة الملك ومقر الخلافة من دمشق إلى «الكوفة» ليكون قريبا من رجاله وحزبه، غير أنه لم يجد فيها ما كان يطلبه من الراحة والطمأنينة فغادرها إلى «الأنبار» على شاطئ الفرات ومكث فيها إلى آخر أيامه وفيها انتقل الملك إلى ابنه المنصور، وكان مطلعا بالأمر قوي الشكيمة حازما متدبرا فتخوف من أبي مسلم الخراساني، ذلك القائد العظيم الذي ارتفعت دولة أبيه على أكتافه وتمت له الكلمة بهمته وفضله، فدبر له مكيدة أودت بحياته، ثم ابتنى مدينة «الزوراء» على نهر دجلة من العراق؛ ليكون بنجوة عن شغب أهل الكوفة ممن يكيدون للدولة ويقومون بمناصرة آل علي، والدولة إذ ذاك في ميعة شبابها وإبان نشأتها وسماها «بغداد» أو دار السلام، وكانت تنقسم إلى قسمين أحدهما: يدعى «الرصافة»، وفيه قصر الخلافة وإلى جانبه قصور الأمراء من أقارب الملك وذوي رحمه، ثم يتلو ذلك قصور الأشراف وسراة بغداد، والثاني: وبه بيوت الباعة وأخلاط الناس ودور الصناعة والأسواق، ويكتنفها سوران عظيمان يزيدانها منعة وقوة.
وبذلك أصبحت بغداد كعبة الجمال وآية الحسن وأصبح الخليفة في أمن ودعة، قرير العين ناعم البال في قصره المحاط بتلك الأسوار المنيعة، ثم بنى خارج هذا الحصن المحكم قصر «الخلد» الشهير، وظلت تلك القصور الذهبية الفخمة حتى أيام الرشيد، فكان يقضي أكثر أوقاته بها، وفي أيامه صارت بغداد كعبة الجمال وآية الحسن، ثم حذا من جاء بعده من الخلفاء حذوه فكانوا يأخذون مغارم الحروب من كتب اليونان، وعندما ارتفع شأن الدولة ارتفع معها شأن العلوم والمعارف في بغداد، وبدأ يؤمها العلماء والحكماء على اختلاف طبقاتهم، وينزحون إليها من أقاصي البلدان على بعد المشقة رغبة في العطايا وأملا في النوال، ولم يكن الخلفاء ليغفلوا أمر ذلك بل أجلوا العلماء وعرفوا لهم أقدارهم من الكرامة وأحلوهم أسمى الدرجات وأعلى المراتب، وأسال الرشيد عليهم الذهب النضار وأوسع لهم العطاء، فتمشى العمران على جانبي الدجلة شرقا وغربا بالأبنية البديعة والقصور الأنيقة المحاطة بالحدائق الغناء والبساتين الزهراء؛ حتى أصبحت الدجلة كالحوض البديع يخترقها بغداد وما يليها من الضواحي والمنتزهات كأنها المرآة الصافية يحف بها إطار شتى النماء والألوان.
نزل علماء الصين والهند على الرحب والسعة في مدينة السلام وطاب لهم فيها السعي والكد، وإن هي إلا فترة من الزمن حتى امتلأت بأفاضل أهل الأدب وأعاظم رجال العلم وأكابر أصحاب القول في الفنون والصناعات من العرب والعجم والترك والكرد والديلم والكرج والروم والأرمن،
1
ثم تعددت بها المدارس والجامعات وتنوعت لديها دور الكتب والمستشفيات، وأقيمت بها المراصد والمصانع وغيرها من مؤسسات العمران، واشتغل أهلها بنقل كتب الفلسفة اليونانية إلى العربية فبرعوا في علوم المنطق والرياضيات والطبيعيات والإلهيات، ورسخت ملكات تلك العلوم فألفوا فيها وأصلحوا ما استبانوا خطأه في مسائلها وأضافوا إليها أبوابا أصابوا الرأي فيها.
نامعلوم صفحہ