قلت متأوها: متى يكف الشيطان عني؟! - ماذا قلت يا عمر؟ بالله حدثني فأنا في غاية من الضيق. - من أنت؟ - يا عجبا! ... أنا عثمان خليل. - وماذا تريد؟ - أنا عثمان، لقد وقع المحذور وأنا مطارد.
تحسست جسمه بيدي، وقلت: ليس هذا بجسم سمير، فماذا تعني هذه المرة؟ - سمير؟! ... إنك تخيفني. - ولكني لن أخاف، ولن أعدو كالمجنون.
فلمس ذراعي، وقال: بالله حدثني كصديق، لا تدفع بي إلى اليأس منك. - وماذا يهم؟ - أصغ إلي يا عمر، إني في موقف خطير، إنهم يبحثون عني في كل مكان، وإذا ألقوا القبض علي هلكت. - إذن فأنت الهارب هذه المرة. - سأختبئ عندك حتى أتمكن من الهرب.
فتساءلت في حزن: كيف جاء بك الشيطان؟
فأجاب بلهفة: كنا نعرف مكانك من أول يوم، وليس ذلك بالمطلب العسير على صحفي مدرب كمصطفى، وكثيرا ما حام مصطفى حول مسكنك، وأوصى بك الفلاحين الذين يجيئونك بالطعام، ولكننا لم نرد أن نزعجك.
فهتفت متأوها: هم الذين حالوا بيني وبين وجهه. - بل لم نزعجك مرة واحدة طوال عام ونصف عام. - لن أبالي حتى إذا وضعت رأسك مكان رأس سمير!
فقال بحسرة: ماذا أصابك؟ ... لا ... لا، لن أصدق أنك لم تعرفني بعد. - صدق أو لا تصدق. - أصغ إلي يا عمر، سأصارحك بحقيقة مذهلة، لقد تزوجت من بثينة. - فليعبث الشيطان ما شاء له العبث.
فقال، وهو يدني وجهه من وجهي: رغم فارق السن تزوجنا، هو الحب كما تعلم، وفي بطنها الآن ينبض جنين، هو ابني وحفيدك. - كما كنت ابني وعدوي. - ألم توقظك الأخبار العجيبة؟ - كما لفظت الحية أنيابها السامة ورقصت. - يا للخسارة! - هذا ما أردده دائما، وما من مجيب.
فربت على صدري برفق، وقال: عد إلى وعيك، إنهم في أشد الحاجة إليك، لقد هربت في اللحظة المناسبة، ولكنهم يجدون في البحث عني، ولقد فتشوا مكتبك، وأخشى أن يسيئوا بك الظن، عد لتعلن براءتك، وترعى أسرتك، بثينة تنتظر وليدا، ولن تراني أبدا. - وأنا لم أره. - ألا تريد أن تفهم؟ - أموت كل يوم عشرات المرات كي أفهم، ولكنني لا أفهم. - ألم تفهم أنني زوج ابنتك، وأنه مقضي علي بالاختفاء أو الموت؟ - اجر حتى تسقط إعياء، وسوف ترى الخنافس وهي تغني. - يا للفظاعة! - يا للفظاعة.
فهزني بشيء من الشدة، وقال بغضب: اصح، لا وقت للهذيان، يجب أن أفهمك كل شيء قبل أن أذهب. - اذهب، لا تكدر صفو أحلامي. - يا للتعاسة! ماذا فعلت بنفسك؟ - سوف ييأس الشيطان مني. - اصح، أسرتك في خطر، إذا اتجه الشك إليك فسيتعرضون للبهدلة، أنا لا أخاف على نفسي؛ فقد نذرتها للهلاك، ولكن يجب أن تعود إليهم. - عد إلى الجحيم فهو مقرك.
نامعلوم صفحہ