288

شد الازار في حط الاوزار عن زوار المزار

شد الأزار في حط الأوزار عن زوار المزار

اصناف

العالم العامل المبجل البارع الكامل المفضل كان جامعا بين المشروع والمعقول فائقا فى الفروع والأصول وقد صنف فيهما تصانيف عدة وله من الفوائد نظما ونثرا ما لا يدرك احد حده وكان مولانا السعيد مجد الدين اسماعيل «2» يكرمه اكراما عظيما ويشاوره فيما يريده تبجيلا وتعظيما يدرس فى القفصة «3» العامرة بين «4» الجامع العتيق ويجيب بحسن البيان عن كل غامض ودقيق متبجحا بما آتاه الله من فضله لا يقنط احدا بوفره ونبله «1»، سمعت مولانا السعيد قوام الدين عبد الله «2» انهما كانا فى بعض حظائر المصلى «3» فى يوم من الأيام ينتظران جنازة بعض الحكام قال فجاء بعض القضاة الجائرة الخارجين عن الدائرة المتغلبين على اهل العلم بمجرد الجاه والمال العاملين للدنيا الغافلين عن المآل فأقبل فى كوكبة تامة وجلبة «4» عامة قد ارسل طرته الى ركبتيه يمشي الوكلاء والمحضرون «5» بين يديه (ورق 157 ب) حتى اذا فرش «6» مصلاه العريض الطويل جلس «7» كأنه يوحى اليه الأنجيل والمعرف يطريه بمدائح ليست فيه واهل الدنيا يترقبون «8» حسن تلفته وتلقيه، قال وكان مولانا سعد الدين جالسا بقربى وملصقا جنبه بجنيى فقال لى لما رأى تلك الحال وشاهد فيهم امارات تصور المحال يا اخى كيف ترى هذه العمامة الكبيرة والسجادة البسيطة والدراعة الواسعة واللحية العريضة الطويلة والبغلة الواقفة وراء الحظيرة وهذه النواب والخدام والتجملات والغلام، انرضى ان تعطى هذه كلها وينزع عنك العلوم «9» التى تعلمتها فقلت لا والله لا ارضى ان ابدل بمسئلة واحدة مما علمت اضعاف اضعاف هذه، قال فنصبر ونسلم «10» فان ما اعطينا خير مما اعطى هؤلاء فتعجبت من حسن كلامه وعلو همته وفتح الله على من ذلك ابواب المعارف والسرور، وقد تشرفت «1» بتقبيل يديه واقررت عينى بالنظر اليه وحضرت مع جدى يوم دفنه على شفير قبره وقد اجتمع القضاة (ورق 158) والحكام والمشايخ والسادة العظام وكأنى انظر الى تلك الجموع يذرفون عليه الدموع ويتذاكرون علمه الشامل ويتذكرون فضله الكامل واليوم «2» لا ارى احدا من اولئك الأقوام بل كلهم رهائن اجداث ورجام «3»:

يا عرصة الوادى عليك سلام ... ما ناح من فوق الغصون حمام

اين الذين عهدتهم في سادة «4» ... غرر «5» واين اولئك الأقوام

اخنى عليهم صرف دهر جائر ... لم يبق فيهم بهجة تستام «6»

حياك يا اثر الديار سحائب ... وسقاك في اثر الغمام غمام

رحمة الله عليهم.

صفحہ 390