Seerah of the Noble Companion Mus'ab ibn Umair
سيرة الصحابي الجليل مصعب بن عمير ﵁ -
ناشر
دار الأوراق الثقافية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٥ هـ
اصناف
الطغاة من أصحاب السطوة والنقمة (١).
ولقد كان مصعب بن عمير ﵁ يعيش بين أفراد قبيلته على دينهم، وعلى ما كان عليه آباؤه وأجداده، فتلك الجاهلية العمياء قادتهم إلى عبادة الأصنام وشرب الخمور، وحضور مجالس المعازف والغناء، وغيرها من العبادات الباطلة، مع ما يصحب ذلك من سوء في الأخلاق، ودناءة في النفوس، وخرافة في الأفكار التي كانت منتشرة في المجتمع الجاهلي. ولكن مصعبًا ﵁ بعقله البصير ورؤيته الثاقبة، استطاع أن يميز بين ما هو عليه وما جاء به النبي ﷺ من الدين الحق الذي رأى فيه من التعاليم الإسلامية السمحة التي توافق العقل ولا تعارض الفطرة الإنسانية.
فعزم ﵁ بنفسه من غير أن يدعوه أحد على الدخول في هذا الدين، فدخل على النبي ﷺ في دار الأرقم بن أبي الأرقم ﵁ فأسلم وصدّق به وخرج فكتم إسلامه خوفا من أمه وقومه، فكان يختلف إلى رسول الله ﷺ سرًا (٢).
وقد كتم إسلامه ﵁ كغيره من الصحابة ﵃، ولأنه يعرف أنه أتى بدين يخالف دين قومه فسوف يلاقي من العذاب والأذى ما لاقاه الصحابة ﵃، وكان اختلافه على رسول الله ﷺ في دار الأرقم ليختفي عن أنظار المترصدين من كفار قريش، ويشارك بقية الصحابة ﵃ في عبادة الله وحده، ويتلقى العلم عن رسول الله ﷺ، فأخذ ينهل من معين الوحيين حتى أصبح من أعلم الصحابة ﵃ في
_________
(١) صفي الرحمن المباركفوري: الرحيق المختوم، ص٨٠.
(٢) ابن سعد: الطبقات الكبرى، ٣/ ١١٧.
ابن عبد البر: الإستيعاب في معرفة الأصحاب،٤/ ١٤٧٤.
ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة،٥/ ١٧٥.
1 / 23