Secrets of Eloquence - Ed. Mahmoud Shaker

Abdul-Qahir al-Jurjani d. 471 AH
107

Secrets of Eloquence - Ed. Mahmoud Shaker

أسرار البلاغة - ت محمود شاكر

ناشر

مطبعة المدني بالقاهرة

پبلشر کا مقام

دار المدني بجدة

اصناف

ألا ترَى إلى نحو قوله ﷿: " إنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بهِ نَبَاتُ الأرْضِ مِمَِّا يَأْكُلُ النَّاسُ والأنْعَامُ حَتَّى إذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنُّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أتَاهَا أمْرُنَا لَيْلًا أوْ نهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْس " " يونس: ٤٢ "، كيف كثُرت الجُمل فيه؟ حتى إنك تَرَى في هذه الآية عَشْرَ جمل إذا فُصِّلت، وهي وإن كان قد دخل بعضُها في بَعْض حتى كأنها جملةٌ واحدة، فإن ذلك لا يمنعُ من أن تكون صُور الجمل معنا حاصلةً تشير إليها واحدةً واحدةً، ثم إنّ الشَبَه مُنْتَزع من مجموعها، من غير أن يمكن فَصْلُ بعضها عن بعض، وإفرادُ شطر من شطر، حتى إنك لو حذفت منها جملةٌ واحدةٌ من أيّ موضع كان، أخلَّ ذلك بالمغزى من التشبيه، ولا ينبغي أن تعدَّ الجُمل في هذا النحو بعَدِّ التشبيهات التي يُضَمّ بعضها إلى بعض، والأغْراض الكثيرة التي كل واحدٍ منها منفردٌ بنفسه، بل بعدّ جُمَلٍ تُْنسَق ثانيةٌ منها على أوَّلةٍ، وثالثةٌ على ثانية، وهكذا، فإنّ ما كان من هذا الجنس لم تترتّب فيه الجمل ترتيبًا مخصوصًا حتى يجب أن تكون هذه سابقةً وتلك تالية والثالثة بعدهما، ألا ترى أنك إذا قلت: زيد كالأسد بأسًا، والبحر جُودًا، والسيفِ مضاءً، والبدرِ بَهَاءً، لم يجب عليك أن تحفظ في هذه التشبيهات نِظامًا مخصوصًا؟ بل لو بدأتَ بالبدر وتشبيهه به في الحسن، وأخّرتَ تشبيهه بالأسد في الشجاعة، كان المعنى بحاله، وقولُهُ: النَّشْرُ مِسْكٌ والوجوهُ دنا ... نيرُ وأطْرَافُ الأكُفِّ عَنَمْ

1 / 109