الباب الأول
في ولادتها وتسميتها ومحبته ﷺ لها
ومتعلقات ذلك ﵂
1 / 21
ولادتها ﵂
ذكر أبو عمر: أنها ولدت سنة إحدى وأربعين من المولد.
وتعقب بما ذكره ابن إسحاق وغيره.
أن أولاد النبي ﷺ ولدوا قبل النبوة إلا إبراهيم.
وقال ابن إسحاق: ولدت وقريش تبني الكعبة.
قال: وبنتها: قبل المبعث لسبع سنين ونصف.
وقيل: ولدت تمام المبعث.
وقيل غير ذلك.
كذا نقله الجلال السيوطي عن ابن إسحاق وأقره. وفيه بالنسبة لقوله: (قبل البعث بسبع ونصف) ما فيه. ونعرف ما فيه، بل لا يكاد يصح؛ لأن بناء قريش الكعبة، ووضعه ﵇ الحجر في محله كان سنة خمس وثلاثين من مولده ﷺ، وبعث على رأس الأربعين، فمولدها قبل الإرسال بنحو خمس سنين كما ذكره ابن الجوزى وغيره، وأنه أيام بناء البيت، وبه جزم المدايني.
1 / 23
بم سماها النبي ﷺ وما سر هذه التسمية؟! وسماها (فاطمة) بإلهام من الله تعالى؛ لأن الله فطمها عن النار! فقد روى الديلمي عن أبي هريرة والحاكم عن علي أنه ﵇ قال: (إنما سميت فاطمة، لأن الله فطمها وحجبها عن النار) .
واشتقاقها من الفطم وهو (القطع) كما قال ابن دريد. ومنه: فطم الصبى: إذا قطع عنه اللبن.
ويقال: لأفطمنك عن كذا: أي لأمنعنك عنه.
لم سميت بالزهراء؟ وسميت بالزهراء؛ لأنها زهرة المصطفى ﷺ.
لم لقبت بالبتول؟ ولقبت (بالبتول)؛ لأنه لا شهوة لها للرجال، أو لأنه تعالى قطعها عن النساء حسنا وفضلا وشرفا.
1 / 24
أو لانقطاعها إلى الله.
بم كنيت؟ وكنيت (بأم أبيها) كما اخرجه الطبراني عن ابن المدايني.
بطلان بعض الروايات الخاصة بالتسمية: وأما ما رواه الخطيب البغدادي (من أن جبريل ليلة الإسراء ناول المصطفى تفاحة فأكلها فصارت نطفة في صلبه، فحملت منه بفاطمة، وأنه كلما اشتاق إلى الجنة قبلها) .
فقال الذهبي - كابن الجوزى: موضوع. وأقره الجلال السيوطي، فيما تعقبه على ابن الجوزى، ولم يعترضه.
وقال الحافظ ابن حجر: هذا من وضع محمد بن خليل؛ فإن
1 / 25
فاطمة ولدت قبل الإسراء بمدة، بل قبل النبوة اتفاقًا.
وكذا ما قاله الحاكم في مستدركه عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا: (أن جبريل أتى بسفرجلة من الجنة فأكلتها ليلة الإسراء فعلقت خديجة بفاطمة فإذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رقبة فاطمة) ما ذاك إلا أن فاطمة ولدت قبل الوحي إجماعًا؛ فهو قطعى البطلان!
منزلتها ومحبته ﷺ لها
ومتعلقات ذلك
وكانت فاطمة أحب أولاده وأحظاهن عنده، بل أحب الناس إليه مطلقا.
روى الترمذي عن بريدة وعائشة قالت: (ما رأيت أحدا أشبه سمتا ولا هديا برسول الله ﷺ من فاطمة في قيامها وقعودها، وكان إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه) .
زاد داود في روايته: (وكان يمص لسانها) .
روى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة: (أن عليا قال: (يا رسول الله، أيما أحب إليك أنا أم فاطمة؟ قال: فاطمة أحب إلي منك، وأنت أعز علي منها وكأني بك وأنت علي حوضي تذود
1 / 26
عنه الناس، وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء، وإني وأنت والحسن والحسين وعقيل وجعفر في الجنة إخوانا على سرر متقابلين ثم قرأ ﷺ (إِخوانًا عَلى سُرَرٍ مُتَقارِبين) لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه) .
وفيه سلمى بن عبقة مجهول.
هل بين الأحاديث تعارض؟ وكيف نوفق بينها لو كان؟ ولا ينافي ذلك قوله في حديث آخر: (أحب النساء إلي عائشة)؛ لأن المراد بالنساء زوجاته الموجودات عند قوله ذلك.
وبفرض خلاقه: فهو على معنى من، ففاطمة لها الأحبية
1 / 27
المطلقة.
سيدة نساء الأمة: وعن أبي هريرة أنه ﵊ قال: إن ملكان من السماء لم يكن زارني فاستأذن الله في زيارتي، فبشرني، أو قال: أخبرني (أن فاطمة سيدة نساء أمتي) رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن مروان الدهلي وقد وثقه ابن حبان.
أحب الأهل: وعن أسامة بن زيد أن رسول الله ﷺ قال: (أحب أهلي إلى فاطمة) .
رواه أبو داود الطيالس والطبراني في الكبير والحاكم والترمذي.
شهادة عائشة لها:
وعن عائشة ﵂ أنها قالت: (ما رأيت أفضل من فاطمة غير أبيها!) .
قالت - وكان بينهما شيء - (يا رسول الله، سلها؛ فإنها لا تكذب!!) .
رواه الطبراني في الأوس وأبو يعلى لكنها قالت: (ما رأيت أحدا قط أصدق من فاطمة) ورجاله رجال صحيح
1 / 28
منزلتها هي وزوجها عند الرسول ﷺ: وعن النعمان بن بشير: استأذن أبو بكر على المصطفى، فسمع عائشة عاليا وهي تقول: (والله لقد عرفت أن فاطمة وعليا أحب إليك مني ومن أبي مرتين أو ثلاثا، فاستأذن أبو بكر فأهوى عليها، فقال: يا بنت فلان، ألا سمعتك ترفعين صوتك على رسول الله ﷺ .
رواه الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح أيهما الأحب؟ وأيهما الأعز؟ وعن ابن عباس، دخل رسول الله ﷺ على علي وفاطمة وهما يضحكان، فلما رأياه سكتا، فقالا لهما النبي: ما لكما كنتما تضحكان، فلما رأيتماني سكتما؟!؟ فبادرت فاطمة فقالت: بأبي أنت يا رسول الله قال هذا.. قال: أنا أحب إلى رسول الله منك! فقلت: بل أنا أحب إليه منك.
فتبسم رسول الله ﷺ وقال: (يا بنية، لك رقة الولد، وعلى أعز على منك) .
رواه الطبراني بإسناد صحيح نجاتها هي وولدها: وعن ابن عباس أنه ﷺ قال لفاطمة: (إن الله غير معذبك ولا ولدك بالنار) .
وعن على أنه كان عند رسول الله ﷺ فقال:
1 / 29
أي شيء خبر للمرأة؟ فسكتوا، فلما رجع، قال لفاطمة: أي شيء خير للنساء؟ قالت: لا يراهن الرجال!! فذكر ذلك للمصطفى فقال: (إنما فاطمة بضعة مني) .
وفيه دليل على فرط ذكائها، وكمال فطنتها، وقوة فمهما، وعجيب إدراكها.
1 / 30
الباب الثاني
في تزويجها بعلي وجهازها ومتعلقات ذلك
﵂
1 / 31
زواج الطاهرة
تزويجها بعلي
لما شبت فاطمة وترعرعت، وبلغت من العمر خمس عشرة سنة، وقيل: ست عشرة سنة وقيل: ثماني عشرة سنة وقيل أحدى وعشرين، تزوجها علي وعمره نحو إحدى وعشرين سنة وقيل: غير ذلك في رمضان من السنة الثانية من الهجرة.
قالت الليث: بعد وقعة بدر.
وقيل: في رجب منها.
وقيل: في صفر.
وقيل: بعد وقعة أحد، وبني بها بعد العقد بنحو أربعة أشهر، وقيل ستة أشهر، ولم يتزوج قبلها ولا عليها.
قال الليث: فولدت له حسنا وحسينا ومحسنا مات صغيرا، وأم كلثوم الكبرى التي تزوجها عمر، فولدت له زيدا ورقية، ولم يعقبا، وتزوجت بعد عمر عوف بن جعفر ثم بأخيه محمد، ثم بأخيهما عبد الله، ولم تلد إلا للثاني فولدت له ابنة صغيرة.
1 / 33
وولدت فاطمة الزهراء أيضا (زينب الكبرى) تزوجها (عبد الله ابن جعفر) فولدت له عدة أولاد، ولها العقب؛ فعقب أبي جعفر انتشر من على، وأم كلثوم وزينب ابنتي فاطمة.
ويقال لكل من ينسب إلى هؤلاء (جعفري)، ولا ريب أن لهم شرفا لكنهم لا يحاذون شرف المنسوبين للحسنين؛ ولهذا ترضى العباسيون بالشرف مع أن الشرفية المطلقة لعقب الحسنين فقط لاختصاص ذريتهما بشرف النسبة.
وعرف مصر أن الأشراف: كل حسنى وحسني.
تزوجيها بأمر الله تعالى: وكان تزويج المصطفى فاطمة لعلي بأمر الله تعالى: فعن ابن مسعود أنه ﷺ قال: (إن الله تعالى أمرني أن أزوج فاطمة من علي) .
رواه الطبراني ورجاله ثقات وعن أنس قال: جاء أبو بكر إلى النبي ﷺ فقعد بين يديه فقال: يا رسول الله قد علمت مناصحتي وقدمي في الإسلام وإني ... قال: وما ذاك؟
1 / 34
قال تزوجني فاطمة. فأعرض عنه، فرجع أبو بكر إلى عمر فقال: إنه ينتظر أمر الله فيها. ثم فعل عمر ذلك، فأعرض عنه، فرجع إلى أبي بكر فقال: إنه ينتظر أمر الله فيها. انطلق بنا إلى علي نأمره أن يطلب مثل ما طلبنا. قال علي فأتياني له، فقالا: بنت عمك تخطب، فنبهاني لأمر، فقمت أجر ردائي..طرفه على عاتقي به، وطرفه الآخر في الأرض، حتى انتهيت إليه، فقعدت بين يديه فقلت: قد علمت قدمي في الإسلام، ومُناصَحَتي، وأني ... قال: وما ذاك؟ قال تزوجني فاطمة، قال: وما عندك؟ قال: فرسى، وبدني.
قال: أما فرسك، فلا بد لك منه.
وأما بدنك فبعها، فبعتها بأربعمائة وثمانين درهما، فأتيته بها، فوضعها في حجره، فقبض منها قبضة، فقال: يا بلال، ابتع طيبا، وأمرهم أن يجهزوها، فعجل لها سريرا مشروطا، ووسادة من أدم حشوها ليف، وقال: (آت أهلك فلا تحدث بها حتى آتيك) . فجاءت مع أم أيمن، فقعدت في جانب البيت، وأنا في الجانب الآخر، فجاء النبي ﷺ
1 / 35
فقال: (ها هنا أخي؟) قالت أم أيمن: أخوك وقد زوجته ابنتك؟! فقال لفاطمة: (آتيني بماء، فقامت إلى قعب في البيت فجعلت فيه ماء، فأتته به، فمج فيه، ثم قال: قومي، فنضح بين يديها، وعلى رأسها، وقال: اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم. ثم قال: آتيني بماء، فعلمت الذي يريده، فملأت القعب فأتيته به، فأخذ منه بفيه، ثم مجه فيه، ثم صب على رأس علي وبين قدميه ثم قال: (ادخل على أهلك باسم الله) .
رواه الطبراني وفيه محسن الأسلمي ضعيف وعن أنس رضى الله عنه أيضا: أن عمر أتى أبا بكر فقال: ما منعك أن تتزوج فاطمة بنت رسول الله ﷺ؟ قال: لا يزوجني! قال: إذا لم يزوجك فمن يزوج؟! وإنك من أكرم الناس وأقدمهم إسلاما.
فانطلق أبو بكر إلى عائشة ﵂ فقال: إذا رأيت من محمد طيب نفسك به وإقبالا - أي عليك - فاذكرى له: أني ذكرت فاطمة فلعل الله أن ييسرها لي.
1 / 36
فرأت منه طيب نفس وإقبالا، فذكرت ذلك له، فقال: (حتى ينزل القضاء) .
فرجع إليها أبو بكر فقالت: ما أتاه، ووددت أني لم أذكر له ما ذكرت.
فلقى أبو بكر عمر، فذكر لهما أخبرته عائشة، فانطلق عمر إلى حفصه وقال: إذا رأيت منه طيب نفس وإقبالا، فاذكريني له، واذكرى فاطمة لعل الله ييسرها لي.
فرأت منه إقبالا وطيب نفس فذكرت له، فقال: (حتى ينزل القضاء) فأخبرته وقالت: وددت أني لم أذكر له شيئا!! فانطلق عمر إلى علي وقال: ما يمنعك من فاطمة؟! قال: أخشى أن لا يزوجني! قال: إن لم يزوجك فمن؟ أنت أقرب خلق الله إليه، فانطلق علي إليه، ولم يكن له مقل. قال: إني أريد أن أتزوج فاطمة. قال: فافعل. قال: ما عندي إلا درعي الحُطَمِيَّة. قال: فاجمع له ما قدرت، وأتني به، فباعها بأربعمائة وثمانين، فأتاه بها، فزوجه فاطمة، فقبض ثلاث قبضات، فدفعها إلى أم أيمن فقال: اجعلي منها قبضة في الطيب، والباقي فيما يصلح للمرأة من المتاع، فلما
1 / 37
فرغت من الجهاز، وأدخلتها بيتا قال: يا على، لا تحدثن إلى أهلك شيئا حتى آتيك.
فأتاهم، فإذا فاطمة متعففة، وعلي قاعد، وأم أيمن، فقال: يا أم أيمن، آتيني بقدح من ماء، فأتته به، فشرب، ثم مج فيه، ثم ناوله فاطمة، فشربت، وأخذ منه، فضرب جبينها وبين قدميها، وفعل بعلي مثل ذلك. ثم قال: اللهم أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
رواه البزار وفيه محمد بن ثابت وهو ضعيف، بل لوائح الوضع ظاهرة عليه.
فإن تزويج فاطمة كان في السنة الثانية اتفاقا، وبناء المصطفى بحفصة بنت عمر إنما كان في الثالثة.
وعن ابن عباس قال: كانت فاطمة تذكر لرسول الله ﷺ، فلا يذكرها أحد إلا صد عنه فيئسوا منها. فلقى سعد بن معاذ فقال: إني والله ما أراه يحبسها إلا عليك، فقال: ما أنا بأحد الرجلين.
ما أنا بصاحب دنيا يلتمسها منى وقد علم: مالي صفراء ولا بيضاء، وما أنا بالكافر الذي يترفق بها عن دينه. يعنى مبالغة بها. إني لأول من أسلم.
فقال سعد: عزمت عليها لتفرجها عني؛ فإن لي في ذلك فرجا ماذا أقول؟! قال: تقول: جئت خاطبا إلى الله وإلى رسوله. فقال النبي من كلمة ضعيفة، ثم رجع إلى سعد، فقال له: لم يزد على أن رحب بي، كلمة ضعيفة.
1 / 38
قال: أنكحك.
والذي بعثه بالحق إنه لا خلف ولا كذب عند، أعزم عليك، فلتأتينه غدًا، فأتاه، فقال: يا نبي الله، متى؟ قال الليلة: إن شاء الله. ثم دعا ثلاثا، فقال: زوجت ابنتي ابن عمي، وأنا أحب أني كون سنة أمتى الطعام عند النكاح فخذ شاة، وأربعة أمداد، واجعل قصعة اجمع عليها المهاجرين والأنصار، فإذا فرغت فآذني. ففعل، ثم أتاه بقصعة فوضعها بين يديه، فطعن في رأسها وقال: أدخل الناس رفة بعد رفة فجعلوا يردون كلما فرغت رفة، وردت أخرى حتى فرغوا. ثم عمد إلى ما فضل منها، فتفل فيها، فوضعها بين يديه، وبارك، وقال:
احملها إلى أمهاتك، وقل لهن: كلن وأطعمن من غشيكن، ثم قام فدخل على النساء فقال: زوجت بنتي ابن عمي، وقد علمتن منزلها مني، وأنا دفعها إليه، فدونكم، فقمن فطيبنها من طيبهن وألبسنها من ثيابهن، وحليهن.
فدخل، فلما رأته النساء ذهبن، وتخلقت أسماء بنت عميس.
فقال: على رسلك من أنت؟ قالت: على رسلك من أنت؟ قالت: أنا التي أحرس ابنتك.
إن الفتاة ليلة زفافها لا بد لها من امرأة قريبة منها إن عرضت لها حاجة، أو أرادت أمرا أفضت إليها به.
قال: فإني أسأل إلاهي أن يحرسك من بين يديك ومن خلفك،
1 / 39
وعن يمينك وشمالك من الشيطان الرجيم ثم خرج بفاطمة، فلما رأت عليا بكت، فخشى المصطفى أن يكون بكاؤها أن عليا لا مال له! فقال: ما يبكيك؟! ما ألومك في نفسي، وقد أصبت لك خير أهلي، والذي نفسي بيده، لقد زوجتك سيدا في الدنيا وفي الآخرة لمن المصلحين.
فدنا منها..قال آتيني بالمخضب فأميليه.
فأتت أسماء به فمج فيه، ثم دعا فاطمة فأخذ كفا من ماء فضرب على رأسها وبين قدميها، ثم التزمها فقال: اللهم، إنها منى، وإني منها. اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني فطهرها.
ثم دعا بمخضب آخر فصنع بعلى كما صنع بها ثم قال: قوما، جمع الله شملكما، وأصلح بالكما. ثم قام وأغلق عليهما بابه.
رواه الطبراني بإسناد ضعيف وعن بريدة قال: قال نفر من الأنصار لعلي: عندك فاطمة، فأتى رسول الله ﷺ فقال: ما حاجة ابن أبي طالب؟ فقال: ارسول الله، ذكرت فاطمة فقال: مرحبا وأهلا!. لم يزد عليها. فخرج علي بن أبي طالب إلى رهط من الأنصار ينتظرونه. فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري..غير أنه قال: مرحبا وأهلا قالوا: يكفيك من رسول الله ﷺ إحداهما: أعطاك الأهل والمرحب، فلما كان بعد ما زوجه قال: يا علي، إنه لا بد للعروس من وليمة.
1 / 40
قال سعد ﵁: عندي كبش، وجمع له الأنصار أصوعا من ذرة، فلما كان ليلة البناء، قال: لا تحدث شيئا حتى تلقاني! فدعا رسول الله ﷺ بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على فقال: (اللهم بارك فيهما وبارك لهما في بنائهما) .
رواه الطبراني بإسناد صحيح هل هناك تعارض بين الأحاديث؟ ولا يعارضه ما سبق: أن الذي نبهه لذلك العمران.
وما في حديث ابن عباس: أن سعدا لما خرج له ثم لقيه سعد، فحثه عليه من غير أن يعلم أحدهم بما فعله الآخر.
ولا حديث أسماء. إذ مرادها وليمة علي ما قام به بنفسه غير ما جاء به الأنصار وسعدا.
أو أن الوليمة تعددت فيما دفعه المصطفى لها للنساء.
وبقية حديثها يشهد له وذاك للرجال.
1 / 41
ولا حديث أنس المصرح بإيقاعه عليهما؛ لتغاير الكيفية كما أفاده المحب الطبرى.
وعن جابر، لما حضرنا عرس على وفاطمة ﵄ فما رأينا عرسا كان أحسن منه.
حشونا الفراش يعني الليف - وأتينا بتمر وزبيب فأكلنا. وكان فراشها ليلة عرسها إهاب كبش.
رواه البزار. وفيه ضعف وعن علي قال: خطبت فاطمة إلى رسول الله ﷺ فقالت مولاة لي: هل علمت أن فاطمة خطبت إلى رسول الله ﷺ؟ قلت: لا.
قالت: فقد خطبت. فما يمنعك أن تأتي رسول الله ﷺ، فيزوجك؟! فقلت: أو عندي شيء أتزوج به؟ فقالت: إنك إن جئته زوجك. فوالله ما زالت ترجيني حتى دخلت عليه - وكانت له جلالة وهيبة - فلما قعدت بين يديه أفحمت، فما استطعت أن أتكلم جلالة وهيبة! فقال: ما جاء بك؟ ألك حاجة؟! فسكت.
1 / 42