السيد بونتيلا وتابعه ماتي
السيد بونتيلا وتابعه ماتي
تأليف
برتولد برشت
تقديم وترجمة
عبد الغفار مكاوي
تقديم1
بقلم عبد الغفار مكاوي
إذا كنا نقصد بالأدب الشعبي عادة ذلك التراث العريق الذي يعبر به شعب من الشعوب عن نفسه في صدق وبساطة وتواضع على لسان جنود مجهولين استطاعوا أن ينطقوا مباشرة بما تحس به قلوبهم، بعيدا عن قواعد الأدب الرسمي وقيوده وأشكاله، فلا شك أننا ننتظر أيضا من المسرحية الشعبية أن تتوفر فيها هذه البساطة والصدق وأن تتجرد من الادعاء والطموح. ومن الطبيعي أن نجد فيها الفكاهة الخشنة ممتزجة بالتهويل الفاجع، والموعظة الأخلاقية بالتأثير الرخيص. هنا يلقى الأشرار الجزاء الرادع، والأخيار ينعمون في التبات والنبات، الشطار المحظوظون يرثون الأرض ويتزوجون بنت السلطان، والكسالى المنحوسون لا يبخل عليهم أحد بابتسامة الرثاء. يكفي أن يصول البطل على خشبة المسرح ويجول، ويغترف من كنز الحكمة الشعبية، ويرجع حظه للبخت والنصيب؛ فالمهم أن «التكنيك» لا يكاد يختلف من بلد إلى بلد، وطريقة التمثيل والإلقاء لا تكاد تعترف بالفروق بين اللغات والأجناس.
ويظهر أن المدن الكبرى أرادت أن تسير مع الزمن، فجعلت من المسرحية الشعبية استعراضا غنائيا، تطورت به فيما بين الحربين العالميتين إلى ما يسمى بالكباريه الأدبي. واستطاع أمثال فانجنهيم في ألمانيا، وأودن في إنجلترا، وبلتسشتين في أمريكا، وآبل في الدنمارك أن يخلقوا مسرحيات لها شكل الاستعراض الغنائي ، قد يكون فيها الكثير من الفن والشاعرية، ولكنها تخلو من بساطة المسرحية الشعبية القديمة، وتفتقر إلى براءة الحدوتة وسذاجة الحكاية، وتكاد العلاقة بينها وبين المسرحية القديمة أن تكون شبيهة بالعلاقة بين الأغنية المذاعة والأغنية الشعبية؛ فالمسرحيات الاستعراضية لم تفلح إذن في أن تصبح مسرحيات شعبية بالمعنى الأصيل لهذه الكلمة، وانتشارها إلى اليوم تعبير عن حاجة ضرورية لم تستطع تحقيقها، حاجة إلى مسرح شعبي فيه البساطة لا البدائية، والشاعرية لا الرومانتيكية؛ والواقعية لا المذهبية السياسية.
نامعلوم صفحہ