في ضيعة السيد بايمان، لم يدر أحد السبب في ظهور هذه الأشباح؛ فلم يسبق لها أن ظهرت هناك قبل التحاقي بوظيفتي. إذا سألتني رأيي فإني أعتقد أن السبب يرجع إلى سوء الطبخ هناك. عندما يقف العجين على معدة الناس تجدهم يحلمون أحلاما سيئة. وتثقل الكوابيس على أنفاسهم، وأنا بطبعي لا أتحمل الطعام الرديء. فكرت بالفعل في الاستقالة، ولكن لم يكن أمامي عمل آخر. وساءت حالتي النفسية فرحت أسب وألعن في المطبخ، وما هي إلا فترة قصيرة حتى رأت الخادمات في المطبخ رءوس أطفال بالليل فوق السور، فقدمن استقالتهن. ثم ظهرت كرة قاتمة أشبه برأس آدمية انحدرت على الأرض من حظيرة البقر، وعندما رويت ذلك للسائسة مرضت وساءت حالتها، وقدمت الخادمة كذلك استقالتها، عندما رأيت في حوالي الساعة الحادية عشرة ليلا رجلا أسود اللون يتمشى قريبا من الحمام وهو يحمل رأسه تحت إبطه وطلب مني أن أشعل له غليونه. راح السيد بايمان يصرخ في وجهي ويتهمني بأنني المسئول عن هروب الناس من المزرعة وينفي وجود أشباح في بيئته، ولكنني قلت له: إنه مخطئ وإنني في أثناء وجود زوجته الكريمة في مستشفى الولادة رأيت في ليلتين متتاليتين شبحا أبيض يقفز من نافذة غرفة السائسة ويدخل من نافذة غرفة السيد بايمان نفسه. لم يستطع أن يرد علي، ولكنه طردني من العمل، ونصحته قبل أن أنصرف بأن يعتني بالطبخ في مزرعته حتى تهدأ الأرواح التي لا تتحمل - على سبيل المثال - رائحة اللحم.
بونتيلا :
أرى أنك لم تفقد وظيفتك إلا لأنهم كانوا يبخلون عليكم بالطعام. أنت تحب الأكل، وهذا لا يقلل من شأنك في عيني، ما دمت تحسن قيادة الجرار وتسمع الكلام وتعطي ما لبونتيلا لبونتيلا. إن لدي ما يكفيني، وهل تفتقر الغابة إلى الخشب؟ بهذا نستطيع أن نتفاهم، كل إنسان يستطيع أن يتفاهم مع بونتيلا! (يغني) :
لم العتاب يا حبيب والملام
وفي الفراش ينتهي كل الخصام؟
كم يتمنى بونتيلا أن يقطع معكم الغاب وينقي الحقول من الأحجار ويقود الجرار بنفسه! ولكن هل يتركونه يفعل ذلك؟ لقد وضعوا منذ البداية حول رقبتي ياقة غليظة، أكلت ذقني مرتين، لا يليق ببابا أن يحرث، لا يليق ببابا أن يغمز البنات، لا يليق ببابا أن يشرب القهوة مع العمال! أما الآن فلم يعد يليق لبابا ألا يليق به شيء! سأسافر إلى «كورجيلا» وأعقد خطبة ابنتي على الملحق الدبلوماسي، ثم أحضر لأشمر أكمامي وأجلس على الأكل بغير رقيب، وستصمت كلنكمان وأنام معها كفى. أما أنتم فسوف أرفع مرتباتكم؛ لأن العالم كبير وأنا أمتلك غابتي وهناك ما يكفيكم ويكفي السيد بونتيلا.
ماتي (يضحك طويلا بصوت عال ثم يقول) :
هدئ نفسك حتى لا نزعج القاضي من نومه فيحكم علينا بالسجن مائة عام.
بونتيلا :
أريد أن أتأكد أولا أنه لم تعد هناك هوة تفصل بيننا. قل: إنه لم يعد يفصل بيننا شيء!
نامعلوم صفحہ